الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

ثم قال تعالى : { ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله } .

قال مجاهد : كان لقمان رجلا صالحا ولم يكن نبيا {[54898]} .

وروى عنه أنه كان بقمان الحكيم عبدا حبشيا غليظ الشفتين مصفح القدمين قاضيا على بني إسرائيل {[54899]} .

وقال سعيد بن المسيب {[54900]} : كان لقمان أسودا من سودان مصر {[54901]} .

وقال ابن عباس : كان عبدا حبشيا {[54902]} .

وروي أنه كان في وقت داود {[54903]} .

وعن عكرمة أنه قال : كان نبيا {[54904]} .

قال مجاهد : الحكمة التي أوتي لقمان : الفقه والعقل ، والإصابة في القول في غير نبوة {[54905]} .

وقال قتادة : الحكمة التي أوتي : الفقه في الإسلام {[54906]} .

قال قتادة : لم يكن نبيا ولم يوح إليه {[54907]} .

وعن مجاهد : أن الحكمة التي أوتي : القرآن {[54908]} .

وروى ابن وهب {[54909]} ، عن مالك أنه قال : قال لقمان لابنه : إن الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون ، وهم في الآخرة سراعا يذهبون ، وإنك قد استدبرت الدنيا منذ كنت ، واستقبلت الآخرة ، وإن دارا تصير إليها أقرب إليك من دار تخرج عنها ، يا بني ليس غنى كصحة ولا نعيم كطيب نفس {[54910]} .

وروى أشهب {[54911]} عن مالك : أن لقمان كان يقول لابنه : اتق الله جهد نفسك .

قال : وكان يقول له : يا بني لا تجالس الفجار ولا تماشهم ، ( اتق لا ينزل ) {[54912]} عليهم عذاب من السماء فيصيبك معهم ، يا بني جالس العلمماء وماشهم عسى أن تنزل عليهم رحمة فتصيبك معهم {[54913]} .

وروى عنه : أنه كان عبدا حبشيا نجارا {[54914]} . وقيل : كان خياطا {[54915]} .

وقيل : كان راعيا ، فقال له مولاه : اذبح لنا هذه الشاة فذبحها فقال له : أخرج أطيب مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، ثم مكث ما شاء الله ، ثم قال له : اذبح لنا هذه الشاة فذبحها ، فقال له : أخرج أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب ، فقال له مولاه ، في ذلك منكرا عليه وممتحنا له : [ أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فأخرجتهما وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما ] {[54916]} . فقال لقمان : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا {[54917]} .

وروي أنه أتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم فقال : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في موضع كذا ؟ قال : نعم [ قال ] {[54918]} : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني {[54919]} .

قال وهب ابن منبه {[54920]} : قرأت من حكمته أرجح من عشرة آلاف باب {[54921]} .

وقوله : { أن اشكر لله } أن بمعنى أي : ر موضع لها {[54922]} .

وأجاز سيبويه أن تكون في موضع نصب على معنى بأن أشكر كما تقول كتبت إليه أن قم ، أي : بأن قم {[54923]} .

والمعنى : أن أحمد الله على ما آتاك من الحكمة ، فقوله : " أن أشكر " بيان عن الحكمة ، لأن من الحكمة التي أوتيها شكر الله على ما آتاه .

ثم قال : { ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه } أي : من شكر نعم الله عليه فإنما يشكر لنفسه لأنه يتزيد لنفسه من / النعم بالشكر ، ويؤدي ما على نفسه من الشكر ، ويكتب له الأجر والذخر ، بالشكر فلنفسه يعمل وإياها ينفع .

ثم قال : { ومن كفر فإن الله غني } أي : ومن كفر نعمة الله فلنفسه أساء ، إذ الله تعالى معاقبه على ذلك ، وهو غني عن شكره ، ولا يزيده شكر العبد في سلطانه ولا ينقص تركه منه .

{ حميد } أي : محمود على كل حال .


[54898]:انظر: جامع البيان 21/67، والمحرر الوجيز 13/12، وتفسير ابن كثير 3/444، والدر المنثور 6/512.
[54899]:انظر: جامع البيان 21/67، والجامع للقرطبي 14/59
[54900]:هو سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي أبو محمد، التابعي المشهور، العالم الثقة، فقيه المدينة، روى عن عمر وعثمان وعلي، وروى عنه الزهري وقتادة ومكحول وغيرهم، توفي سنة 93 هـ وقيل: سنة94 هـ انظر: طبقات ابن سعد 5/119، وحلية الأولياء 2/161، 170، وصفة الصفوة 2/79، 159، وتذكرة الحفاظ 1/54، 38، وتقريب التهذيب 1/305، 260
[54901]:انظر: جامع البيان 21/67، وقصص الأنبياء للثعلبي 348، وأحكام ابن العربي 3/1495، والمحرر الوجيز 13/12، وزاد المسير 6/318، والجامع للقرطبي 14/59، وتفسير ابن كثير 3/444، والدر المنثور 6/509
[54902]:انظر: جامع البيان 21/67، والدر المنثور 6/509
[54903]:انظر: البحر المحيط 7/186
[54904]:انظر: جامع البيان 21/317، ومشكل الإعراب لمكي 2/565، والمحرر الوجيز 13/12، وزاد المسير 6/317، والبحر المحيط 7/186، وتفسير ابن كثير 3/444، والدر المنثور 6/509
[54905]:انظر: جامع البيان 21/67، والدر المنثور 6/510وتفسير مجاهد 541
[54906]:انظر: جامع البيان 21/68
[54907]:انظر: الدر المنثور 6/511
[54908]:انظر: جامع البيان 21/67
[54909]:هو عبد الله بن وهب، أبو محمد فقيه محدث إمام، روى عن ابن جريج ومالك، وقرأ على نافع وروى عنه يونس بن عبد الأعلى وأصبغ بن الفرج، توفي سنة 197هـ انظر: حلية الأولياء 8/324، 428، وتذكرة الحفاظ 1/304، 283، وتقريب التهذيب 1/460، 728.
[54910]:انظر: أحكام ابن العربي 3/1495ـ 1496 والجواهر الحسان للثعالبي 3/208
[54911]:هو أشهب ابن عبد العزيز القيسي أبو عمرو ، مصري، يقال: اسمه مسكين وأشهب لقب له، فقيه ثقة روى عن مالك. توفي بمصر 204 انظر: وفيات الأعيان 1/238/ 100 وتهذيب التهذيب 1/359، 654، وتقريب التهذيب 1/80، 609
[54912]:هكذا في الأصل وجاء في أحكام ابن العربي "اتق أن ينزل"
[54913]:انظر: أحكام ابن العربي 3/1496
[54914]:هو قول خالد الربعي في جامع البيان 21/67 ـ 68، وقصص الأنبياء للثعلبي 350وزاد المسير 6/318، والجامع للقرطبي 14/61، وتفسير ابن كثير 3/444
[54915]:هو قول سعيد ابن المسيب كما في قصص الأنبياء للثعلبي 348، والجامع للقرطبي 14/60 والبحر المحيط 7/186
[54916]:تكملة لازمة من جامع البيان 21/68، وقد سقطت من الأصل ويقتضيها المعنى والسياق
[54917]:هذه الرواية لخالد الربعي في جامع البيان 21/68، وقصص الأنبياء للثعلبي 350، وتفسير البغوي 5/217، وأحكام ابن العربي 3/1495، والجامع للقرطبي 14/61 وتفسير ابن كثير 3/444
[54918]:سقطت من الأصل وهي واردة في مظان الرواية المشار إليها أسفله.
[54919]:انظر: جامع البيان 21/68، وقصص الأنبياء للثعلبي 350، والمحرر الوجيز 13/12، وتفسير ابن كثير 3/444
[54920]:هو أبو عبد الله وهب بن منبه الصنعاني، مفسر حافظ، بن خيار التابعين مؤرخ كثير الأخيار، عن الكتب القديمة روى عن ابن عباس وجابر، وروى عنه عمرو بن دينار. توفي سنة 110هـ وقيل 114 هـ انظر: صفوة الصفوة 2/291، 244، ووفيات الأعيان 6/35، وتذكرة الحفاظ 1/100 وشذرات الذهب 1/150
[54921]:انظر: الجامع للقرطبي 14/61، والبحر المحيط 7/186
[54922]:انظر: معاني الزجاج 4/195 وإعراب النحاس 3/283
[54923]:انظر: الكتاب لسيبويه 3/162، وإعراب النحاس 3/283، والجامع للقرطبي 14/60 والبحر المحيط 7/186