23{ هو الله الذي لا إله إلا هو ، المالك }لكل شيء على الحقيقة ، الكامل عن كل نقص ، المبرَّأ عما لا يليق ، ذو السلامة من النقائص ، المصدق رسله بما أيدهم به من معجزات ، الرقيب على كل شيء ، الغالب فلا يعجزه شيء ، العظيم الشأن في القوة والسلطان . المتعظم عما لا يليق بجماله وجلاله ، تنزَّه الله وتعالى عما يشركون .
قوله تعالى : { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس } الطاهر من كل عيب ، المنزه عما لا يليق به ، { السلام } الذي سلم من النقائص ، { المؤمن } قال ابن عباس : هو الذي أمن الناس من ظلمه وأمن من آمن به من عذابه ، هو من الأمان الذي هو ضد التخويف كما قال : { وآمنهم من خوف }( قريش- 4 ) وقيل : معناه المصدق لرسله بإظهار المعجزات ، والمصدق للمؤمنين بما وعدهم من الثواب ، وللكافرين بما أوعدهم من العقاب . { المهيمن } الشهيد على عباده بأعمالهم ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، ومقاتل : هيمن فهو مهيمن ، إذا كان رقيباً على الشيء ، وقيل : هو في الأصل مؤيمن قلبت الهمزة هاء ، كقولهم : أرقت وهرقت ، ومعناه ، المؤمن . وقال الحسن : الأمين . وقال الخليل : هو الرقيب الحافظ . وقال ابن زيد : المصدق . وقال سعيد بن المسيب ، والضحاك : القاضي . وقال ابن كيسان : هو اسم من أسماء الله تعالى في الكتب والله أعلم بتأويله . { العزيز الجبار } قال ابن عباس : الجبار هو العظيم ، وجبروت الله عظمته ، وهو على هذا القول صفة ذات لله ، وقيل : هو من الجبر وهو الإصلاح ، يقال : جبرت الكسر ، والأمر ، وجبرت العظم إذا أصلحته بعد الكسر ، فهو يغني الفقير ويصلح الكسير . وقال السدي ومقاتل : هو الذي يقهر الناس ويجبرهم على ما أراد . وسئل بعضهم عن معنى الجبار فقال : هو القهار الذي إذا أراد أمراً فعله لا يحجزه عنه حاجز . { المتكبر } الذي تكبر عن كل سوء . وقيل : المتعظم عما لا يليق به . وأصل الكبر ، والكبرياء : الامتناع . وقيل : ذو الكبرياء ، وهو الملك .
القول في تأويل قوله تعالى : { هُوَ اللّهُ الّذِي لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ } .
يقول تعالى ذكره : هو المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له ، الملك الذي لا ملك فوقه ، ولا شيء إلا دونه ، القدّوس ، قيل : هو المبارك . وقد بيّنت فيما مضى قبل معنى التقديس بشواهده ، وذكرت اختلاف المختلفين فيه بما أغنى عن إعادته . ذكر من قال : عُنِي به المبارك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة القُدّوسُ : أي المبارك .
وقوله : السلامُ يقول : هو الذي يسلم خلقه من ظلمه ، وهو اسم من أسمائه ، كما : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة السّلامُ : الله السلام .
حدثنا ابن حُمَيْد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبيد الله ، يعني العَتَكي ، عن جابر بن زيد قوله : السّلامُ قال : هو الله .
وقد ذكرت الرواية فيما مضى ، وبيّنت معناه بشواهده ، فأغنى ذلك عن إعادته . وقوله : المُوءْمِنُ يعني بالمؤمن : الذي يؤمن خلقه من ظلمه . وكان قتادة يقول في ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة المُوءْمِنُ أمن بقوله أنه حقّ .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة المُوءْمِنُ أمن بقوله أنه حقّ .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جُوَيبر عن الضحاك المُوءْمِنُ قال : المصدق .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله المُوءْمِنُ قال : المؤمن : المصدّق الموقن ، آمن الناس بربهم فسماهم مؤمنين ، وآمن الربّ الكريم لهم بإيمانهم صدّقهم أن يسمى بذلك الاسم .
وقوله : المُهَيْمِنُ اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : المهيمن : الشهيد .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : المُهَيْمَنُ قال : الشهيد ، وقال مرّة أخرى : الأمين .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : المُهَيْمِنُ قال : الشهيد .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : المُهَيْمِنُ قال : أنزل الله عزّ وجلّ كتابا فشهد عليه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة المُهَيْمِنُ قال : الشهيد عليه .
وقال آخرون : المهيمن : الأمين . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جُويبر ، عن الضحاك المُهَيْمِنُ : الأمين .
وقال آخرون : المُهَيْمِنُ : المصدّق .
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : المُهَيْمِنُ قال : المصدّق لكلّ ما حدّث ، وقرأ : وَمُهَيْمِنا عَلَيْهِ قال : فالقرآن مصدّق على ما قبله من الكتب ، والله مصدّق في كلّ ما حدّث عما مضى من الدنيا ، وما بقي ، وما حدّث عن الاَخرة .
وقد بيّنت أولى هذه الأقوال بالصواب فيما مضى قبل في سورة المائدة بالعلل الدالة على صحته ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله : العَزِيزُ : الشديد في انتقامه ممن انتقم من أعدائه ، كما : حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة العَزِيزُ أي في نقمته إذا انتقم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة العَزِيزُ في نقمته إذا انتقم . وقوله : الجَبّارُ يعني : المصلح أمور خلقه ، المصرفهم فيما فيه صلاحهم . وكان قتادة يقول : جبر خلقه على ما يشاء من أمره .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة الجَبّارُ قال : جَبَرَ خلقه على ما يشاء .
وقوله : المُتَكَبّرُ قيل : عُنِي به أنه تكبر عن كلّ شرّ .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة المُتَكَبّرُ قال : تكبر عن كلّ شر .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أبو رجاء ، قال : ثني رجل ، عن جابر بن زيد ، قال : إن اسم الله الأعظم هو الله ، ألم تسمع يقول : { هُوَ اللّهُ الّذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ عالِمُ الغَيْب والشّهادَةِ هُوَ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ هُوَ اللّهُ الّذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ المَلِكُ القُدّوس السّلامُ المُوءْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزيزُ الجَبّارُ المتكبرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ }يقول : تنزيها لله وتبرئة له عن شرك المشركين به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.