جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَيۡمِنُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (23)

{ هو الله الذي لا إله{[4981]} إلا هو الملك القدوس } الطاهر البليغ في النزاهة عن كل النقصان { السلام } ذو السلامة من كل نقص { المؤمن } واهب الأمن أم المصدق للمؤمنين والكافرين في وعدهم ووعيدهم { المهيمن } الرقيب المطلع على السرائر ، { العزيز الجبار{[4982]} } العظيم أو الذي جبر خلقه على مراده أو جبر حالهم وأصلحها ، { المتكبر{[4983]} } الذي تكبر عن كل نقص وأصل الكبرياء الامتناع ، { سبحان الله عما يشركون } .


[4981]:كرره لأن التوحيد هو المقصود الأصلي/12 وجيز.
[4982]:فيه وجوه أحدهما أنه فعال من جبر إذا أغنى الفقير وأصلح الكسير. قال الأزهري وهو جابر كل كسير وفقير، وهو جابر دينه الذي ارتضاه. قال العجاج: قد جبر الدين الإله فجبر *** ... والثاني أن يكون الجبار من جبره على، إذا أكرهه على ما أراده. قال السدي: إنه الذي يقهر الناس ويجبرهم على ما أراده. الثالث: قال ابن الأنباري: الجبار في صفة الله الذي لا ينال الرابع قال ابن عباس: الجبار هو الملك العظيم هذا ما في الكبير. وقال الحافظ العلامة شمس الدين ابن القيم رحمه الله في النونية. وكذاك الجبار من أوصافه *** والجبر في أوصافه قسمان: جبر الضعيف وكل قلب قد غدا *** ذا كسرة فالجبر منه دان والثاني: جبر القهر بالعز الذي *** لا ينبغي لسواه من إنسان وله مسمى ثالث وهو العلو *** فليس يدنو منه من إنسان من قولهم جبارة للنخلة *** العليا التي فاقت لكل بنان
[4983]:واعلم أن المتكبر في حق الخلق اسم ذم لأن المتكبر هو الذي يظهر من نفسه الكبر وذلك نقص في حق الخلق لأنه ليس له كبر ولا علو بل ليس معه إلا الحقارة والذلة والمسكنة، فإذا أظهر العلو كان كاذبا فكان ذلك مذموما في حقه أما الحق سبحانه فله جميع أنواع العلو والكبرياء فإذا أظهره فقد أرشد العباد إلى تعريف جلاله وعلوه؛ فكان ذلك في غاية المدح في حقه سبحانه، ولهذا السبب لما ذكر هذا الاسم قال:{سبحان الله عما يشركون}. كأنه قيل: إن المخلوقين قد يتكبرون ويدعون مشاركة الله في هذا الوصف لكن الله سبحانه منزه عن التكبر الذي هو حاصل الخلق/12 كبير.