{ هُوَ الله الذي لاَ إله إِلاَّ هُوَ } كرره للتأكيد والتقرير لكون التوحيد حقيقاً بذلك { الملك القدوس } أي الطاهر من كل عيب ، المنزّه عن كل نقص ، والقدس بالتحريك في لغة أهل الحجاز : السطل ، لأنه يتطهر به ، ومنه القادوس لواحد الأواني التي يستخرج بها الماء . قرأ الجمهور : { القدّوس } بضم القاف . وقرأ أبو ذرّ وأبو السماك بفتحها ، وكان سيبويه يقول : سبوح قدّوس بفتح أوّلهما ، وحكى أبو حاتم عن يعقوب أنه سمع عند الكسائي أعرابياً فصيحاً يقرأ : { القدّوس } بفتح القاف . قال ثعلب : كل اسم على فعول فهو مفتوح الأوّل إلاّ السبوح والقدّوس ، فإن الضم فيهما أكثر ، وقد يفتحان { السلام } أي الذي سلم من كل نقص وعيب ، وقيل : المسلم على عباده في الجنة ، كما قال : { سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] وقيل : الذي سلم الخلق من ظلمه ، وبه قال الأكثر ، وقيل : المسلم لعباده ، وهو مصدر وصف به للمبالغة { المؤمن } أي الذي وهب لعباده الأمن من عذابه ، وقيل : المصدّق لرسله بإظهار المعجزات ، وقيل : المصدّق للمؤمنين بما وعدهم به من الثواب ، والمصدّق للكافرين بما أوعدهم به من العذاب ، يقال : أمنه من الأمن وهو ضدّ الخوف ، ومنه قول النابغة :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها *** ركبان مكة بين الغيل والسند
وقال مجاهد : المؤمن الذي وجد نفسه بقوله : { شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ } [ آل عمران : 18 ] . قرأ الجمهور : { المؤمن } بكسر الميم اسم فاعل من آمن بمعنى : أمن . وقرأ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بفتحها بمعنى : المؤمن به على الحذف كقوله : { واختار موسى قَوْمَهُ } [ الأعراف : 155 ] وقال أبو حاتم : لا تجوز هذه القراءة لأن معناه أنه كان خائفاً فأمنه غيره { المهيمن } أي الشهيد على عباده بأعمالهم الرقيب عليهم . كذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل . يقال : هيمن يهيمن فهو مهيمن : إذا كان رقيباً على الشيء . قال الواحدي : وذهب كثير من المفسرين إلى أن أصله مؤيمن من آمن يؤمن ، فيكون بمعنى المؤمن ، والأوّل أولى ، وقد قدّمنا الكلام على المهيمن في سورة المائدة { العزيز } الذي لا يوجد له نظير ، وقيل : القاهر ، وقيل : الغالب غير المغلوب ، وقيل : القويّ { الجبار } جبروت الله : عظمته ، والعرب تسمي الملك الجبار ، ويجوز أن يكون من جبر : إذا أغنى الفقير وأصلح الكسير ، ويجوز أن يكون من جبره على كذا : إذا أكرهه على ما أراد ، فهو الذي جبر خلقه على ما أراد منهم ، وبه قال السديّ ومقاتل واختاره الزجاج والفراء ، قال : هو من أجبره على الأمر : أي قهره . قال : ولم أسمع فعالاً من أفعل إلاّ في جبار من أجبر ، ودرّاك من أدرك ، وقيل : الجبار : الذي لا تطاق سطوته { المتكبر } أي الذي تكبر عن كل نقص وتعظم عما لا يليق به ، وأصل التكبر : الامتناع وعدم الانقياد ، ومنه قول حميد بن ثور :
عفت مثل ما يعفو الفصيل فأصبحت *** بها كبرياء الصعب وهي ذلول
والكبر في صفات الله مدح ، وفي صفات المخلوقين ذمّ . قال قتادة : هو الذي تكبر عن كل سوء . قال ابن الأنباري : المتكبر ذو الكبرياء ، وهو الملك ، ثم نزه سبحانه نفسه عن شرك المشركين ، فقال : { سبحان الله عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي عما يشركونه ، أو عن إشراكهم به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.