قوله عز وجل :{ إليه يرد علم الساعة } أي : عملها إذا سئل عنها مردود إليه لا يعلمه غيره ، { وما تخرج من ثمرات من أكمامها } قرأ أهل المدينة والشام وحفص : { ثمرات } على الجمع ، وقرأ الآخرون { ثمرة } على التوحيد ، { من أكمامها } أوعيتها ، واحدها : كم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني الكفرى قبل أن تنشق . { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } إلا بإذنه ، يقول : يرد إليه علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنتاج . { ويوم يناديهم } ينادي الله المشركين ، { أين شركائي } الذين كنتم تزعمون أنها آلهة ، { قالوا } يعني المشركين ، { آذناك } أعلمناك ، { ما منا من شهيد } أي : من شاهد بأن لك شريكاً لما عاينوا العذاب تبرأوا من الأصنام .
ثم بين - سبحانه - فى أواخر هذه السورة الكريمة ، أن علم قيام الساعة إليه - تعالى - وحده ، وأن الإِنسان لا يسأم من طلب المزيد من الخير فإذا مسه الشر يئس وقنط . وأن حكمته - تعالى - قد اقتضت أن يقيم للناس الأدلة على قدرته ووحدانيته من أنفسهم وعن طريق هذا الكون الذى يعيشون فيه فقال - تعالى - :
{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة وَمَا تَخْرُجُ . . . } .
قوله - تعالى - : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ . . } بيان لانفراد الخالق - عز وجل - بوقت قيام الساعة ، وبإحاطة علمه - تعالى - بكل شئ ، وإرشاد للمؤمنين إلى ما يقولونه إذا ما سئلوا عن ذلك .
والأكمام : جمع كم - بكسر الكاف - وهو الوعاء الذى تكون الثمرة بداخله .
أى : إلى الله - تعالى - وحده مرجع علم قيام الساعة ، وما تخرج ثمرات من أوعيتها الكائنة بداخلها ، وما تحمل من أنثى حملا ولا تضعه إلا بعلمه وإرادته - عز وجل - و " من " فى قوله { مِن ثَمَرَاتٍ } وفى قوله { مِنْ أنثى } مزيد لتأكيد الاستغراق . وفى قوله { مِّنْ أَكْمَامِهَا } ابتدائية .
قال الجمل : " فإن قلت : قد يقول الرجل الصالح قولا فيصيب فيه ، وكذلك الكهان والمنجمون .
قلت : أما قول الرجل الصالح فهو من إلهام الله ، فكان من عمله - تعالى - الذى يرد إليه ، وأما الكهان والمنجمون فلا يمكنهم القطع والجزم فى شئ ما يقولونه ألبتة ، وإنما غايته ادعاء ظن ضعيف قد لا يصيب . وعلم الله - تعالى - هو العلم اليقين المقطوع به الذى لا يشركه فيه أحد .
ثم بين - سبحانه - تبرُّأ المشركين من آلهتهم يوم القيامة فقالك { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قالوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ . وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } .
والظرف " يوم " منصوب بفعل مقدر ، ومعنى " آذناك " أعلمناك وأخبرناك ، آذان فلان غيره يؤذنه ، إذا أعلمه بما يريد إعلامه به .
والنداء والسؤال إنما لتوبيخهم والتهكم بهم فى هذا الموقف العظيم .
أى : واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ يوم ينادى الله - تعالى - المشركين فيقول لهم يوم القيامة : أين شركائى الذين كنتم تعبدون من دونى ليقربوكم إلى أو ليشفعوا لكم عندى ؟
{ قالوا } على سبيل التحسر والتذلل : يا ربنا لقد { آذَنَّاكَ } أى : لقد أعلمناك بأنه مامنا أحد يشهد بأن لك شريكا ، فقد انكشفت عنا الحجب ، واعترفنا بأنك أنت الواحد القهار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.