تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

سعة علم الله ، وختام سورة فصلت

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ( 47 ) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ( 48 ) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ( 49 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ( 50 ) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ( 51 ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ( 52 ) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 ) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ( 54 ) }

المفردات :

أكمامها : جمع كم- بكسر الكاف- وهو الوعاء الذي تكون الثمرة بداخله .

آذناك : أعلمناك وأسمعناك .

ما منا من شهيد : ليس منا من يشهد بأن لك شريكا .

التفسير :

47- { إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد } .

أخفى الله علم يوم القيامة عن خلقه ، وقال تعالى : { إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى } . ( طه : 15 ) .

وقال سبحانه : { يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها * إنما أنت منذر من يخشاها * كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } . ( النازعات : 42-46 ) .

والآية في مجملها تشير إلى علم الله الواسع الممتد ، الذي يحيط علما بكل شيء ، فهو سبحانه العليم بوقت مجيء القيامة ، وعلمه ممتد شامل لجميع الثمرات داخل أوعيتها ، وعلمه ممتد شامل لكل أنثى يستقر في بطنها حمل ، ولكل والدة تضع ولدها ، إن هذا العلم الشامل المحيط الكبير الممتد الذي يحيط بالدنيا والآخرة ، والمبدأ والميعاد ، والحاضر والغائب ، والخفي والظاهر ، والغيب والشهادة ، كل ذلك خاص بالله وحده مشتمل على معرفة ما يأتي : 1- وقت مجيء يوم القيامة .

2- معرفة الثمار المختبئة في أوعيتها قبل أن تنشق عنها .

3- حمل كل أنثى ، ومعرفة كل جنين ومستقبله .

4- ولادة كل والدة .

فهو المحيط بما خفي من شئون الدنيا والآخرة ، لأنه سبحانه أحاط بكل شيء علما ، وفي يوم القيامة ينادي المشركين ويسألهم سؤال توبيخ وتقريع : أين الشركاء الذين عبدتموهم من دوني ؟ أين صولتهم ودولتهم وملكهم في يوم لا مالك فيه إلا الله ؟

فيقول الكفار : أعلمناك وأخبرناك ، وشهدنا شهادة جهيرة عالية الصوت ، ليس منا من أحد يشهد بأن لك شريكا ، لقد أيقن الجميع بالحق ، وشهدوا لله بالوحدانية ، وأيقنوا بأن الملك لله وحده ، وليس بينهم من أحد يشهد بأن لله سبحانه شريكا أو نظيرا أو مثيلا .

قال المفسرون :

لما عاينوا القيامة تبرأوا من الأصنام ، وتبرأت الأصنام منهم ، وأعلنوا إيمانهم وتوحيدهم في وقت لا ينفع فيه إيمان .