الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

قوله : { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ } : " ما " هذه يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً وهو الظاهرُ ، وأَنْ تكونَ موصولةً ، جَوَّز ذلك أبو البقاء ، ولم يُبَيِّنْ وجهَه . وبيانُه أنها تكونُ مجرورةَ المحلِّ عطفاً على الساعة أي : عِلْمُ الساعةِ وعِلْمُ التي تخرج ، و " مِنْ ثمرات " على هذا حالٌ ، أو تكون " مِنْ " للبيان . و " مِنْ " الثانية لابتداء الغاية . وأما " ما " الثانيةُ فنافيةٌ فقط . قال أبو البقاء : " لأنَّه عَطَفَ عليها " ولا تَضَعُ " ، ثم نقض النفيَ ب " إلاَّ " ، ولو كانَتْ بمعنى الذي معطوفةً على " الساعة " لم يَجُز ذلك " .

وقرأ نافع وابن عامر " ثمرات " ويُقَوِّيه أنها رُسِمَتْ بالتاءِ الممطوطة . والباقون " ثمرة " بالإِفرادِ والمرادُ بها الجنسُ . فإنْ كانَتْ " ما " نافيةً كانَتْ " مِنْ " مزيدةً في الفاعلِ ، وإنْ كانَتْ موصولةً كانت للبيانِ كما تقدَّم .

والأَكْمام : جمع كِمّ بكسرِ الكاف ، كذا ضبطه الزمخشري ، وهو ما يُغَطِّي الثمرةَ كجُفِّ الطَّلْعِ . وقال الراغب : " الكمُّ ما يُغَطِّي اليدَ من القميصِ ، وما يغطي الثمرة ، وجمعُه أكْمام فهذا يدلُّ على أنه مضموم الكاف ، إذ جعله مشتركاً بين كُمِّ القيمصِ وكمِّ الثمرةِ . ولا خلافَ في كُمِّ القميصِ أنه بالضم ، فيجوزُ أَنْ يكونَ في وعاءِ الثمرةِ لغتان ، دون كُمِّ القميصِ ، جمعاً بين قولَيْهما . وأمَّا أَكِمَّة فواحدُه كِمام كأَزِمَّة وزِمام . وفتح ابن كثير ياءَ " شُركائيَ " .

قوله : { مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } هذه الجملةُ المنفيةُ معلِّقَةٌ ل " آذنَّاك " لأنها بمعنى أَعْلَمْناك قال :

3961 آذَنَتْنا ببَيْنِها أسماءُ *** رُبَّ ثاوٍ يَمَلُّ منه الثَّواءُ

وتقدَّم لنا خلافٌ في تعليقِ أعلم . . . ، والصحيحُ وقوعُه سماعاً من العربِ . وجَوَّز أبو حاتمٍ أَنْ يوقف على " آذنَّاك " وعلى " ظنُّوا " ويُبتدأَ بالنفي بعدَهما على سبيلِ الاستئناف . و " مِنَّا " خبرٌ مقدمٌ . و " مِنْ شهيد " مبتدأٌ . ويجوزُ أَنْ يكونَ " مِنْ شهيد " فاعلاً بالجارِّ قبلَه لاعتمادِه على النفي .