59- يحاول الاختفاء عن أعين الناس ، لئلا يروا كآبته ، من الألم الذي أصابه من وجود المولود الذي أخبروه به ، وتستولي عليه حيرة . أيبقيه حياً مع ما يلحقه من الهوان على ذلك في زعمه ؟ ! أم يدفنه في التراب ، وهو حي حتى يموت تحته ؟ تنبه - أيها السامع - لفظاعة عمل هؤلاء . وقبح حكمهم ، الذي ينسبون فيه لله ما يكرهون أن ينسب إلى أنفسهم .
{ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ } ، أي : يكره أن يراه الناس ، { مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ } ، أي : إن أبقاها أبقاها مهانة لا يورثها ، ولا يعتني بها ، ويفضل أولاده الذكور عليها ، { أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ } ، أي : يئدها : وهو : أن يدفنها فيه حية ، كما كانوا يصنعون في الجاهلية ، أفمن يكرهونه هذه الكراهة ، ويأنفون لأنفسهم عنه يجعلونه لله ؟ { أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } ، أي : بئس ما قالوا ، وبئس ما قسموا ، وبئس ما نسبوا إليه ، كما قال تعالى : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ } [ الزخرف : 17 ] ،
وقوله : { يتوارى من القوم } الآية ، هذا التواري الذي ذكر الله تعالى ، إنما هو بعد البشارة بالأنثى ، وما يحكى أن الرجل منهم كان إذا أصاب امرأته الطلق ، توارى حتى يخبر بأحد الأمرين ، فليس المراد في الآية ، ويشبه أن ذلك كان إذا أخبر بسارّ خرج ، وإن أخبر بسوء بقي على تواريه ، ولم يحتج إلى إحداثه ، ومعنى : { يتوارى } ، يتغيب ، وتقدير الكلام : يتوارى من القوم مدبراً ، { أيمسكه أم يدسه } ؟ وقرأت فرقة «أيمسكه » ، على لفظ «ما أم يدسها » ، على معنى الأنثى ، وقرأ الجحدري «أيمسكها أم يدسها » ، على معنى الأنثى في الموضعين ، وقرأ الجمهور «على هُون » بضم الهاء ، وقرأ عيسى بن عمر «على هوان » ، وهي قراءة عاصم الجحدري ، وقرأ الأعمش «على سوء » ، ومعنى الآية : يدبر ؛ أيمسك هذه الأنثى على هوان يتحمله وهم يتجلد له ، أم يدسها فيدفنها حية ، فهو الدس في التراب .
ثم استفتح تعالى بالإخبار بسوء حكمهم وفعلهم بهذا في بناتهم ، ورزق الجميع على الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.