المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (18)

18- إن حال أعمال الخيّرين الكافرين الدنيوية وكسبهم فيها - لبنائها على غير أساس من الإيمان - كحال رماد اشتدت لتفريقه الريح في يوم شديد العواصف ، لا يقدرون يوم القيامة على شيء مما كسبوا في الدنيا من تلك الأعمال فلا يمكنهم الانتفاع بشيء منها إذ لا يرون لها أثراً من الثواب ، كما لا يقدر صاحب الرماد المتطاير في الريح على إمساك شيء منه ، وهؤلاء الضالون يحسبون أنهم محسنون ، مع أن أعمالهم بعيدة أشد البعد عن طريق الحق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (18)

هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره ، وكذبوا رسله ، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح ؛ فانهارت وعَدِمُوها أحوج ما كانوا إليها ، فقال تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ } أي : مثل أعمال الذين كفروا يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى ؛ لأنهم كانوا يحسبون أنهم على شيء ، فلم يجدوا شيئًا ، ولا ألفوا حاصلا إلا كما يتحصَّل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } أي : ذي ريح عاصفة قوية ، فلا [ يقدرون على شيء من أعمالهم التي كسبوها في الدنيا إلا كما ]{[15796]} يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم ، كما قال تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } [ الفرقان : 23 ] ، وقال تعالى : { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ } [ آل عمران : 117 ] ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [ البقرة : 264 ] .

وقال في هذه الآية : { ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ } أي : سعيهم وعملهم على غير أساس ولا استقامة حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما هم إليه ، { ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ } {[15797]} .


[15796]:- زيادة من ت ، أ.
[15797]:- في ت ، أ : "هذا" وهو خطأ.