المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

18 - والقمر إذا تكامل وتم نوره ، لَتلاقُنَّ حالاً بعد حال ، بعضها أشد من بعض ، من الموت والبعث وأهوال القيامة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

( لتركبن طبقا عن طبق ) . . أي لتعانون حالا بعد حال ، وفق ما هو مرسوم لكم من تقديرات وأحوال . ويعبر عن معاناة الأحوال المتعاقبة بركوبها . والتعبير بركوب الأمور والأخطار والأهوال والأحوال مألوف في التعبير العربي ، كقولهم : " إن المضطر يركب الصعب من الأمور وهو عالم بركوبه " . . وكأن هذه الأحوال مطايا يركبها الناس واحدة بعد واحدة . وكل منها تمضي بهم وفق مشيئة القدر الذي يقودها ويقودهم في الطريق ، فتنتهي بهم عند غاية تؤدي إلى رأس مرحلة جديدة ، مقدرة كذلك مرسومة ، كتقدير هذه الأحوال المتعاقبة على الكون من الشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق . حتى تنتهي بهم إلى لقاء ربهم ، الذي تحدثت عنه الفقرة السالفة . . وهذا التتابع المتناسق في فقرات السورة ، والانتقال اللطيف من معنى إلى معنى ، ومن جولة إلى جولة ، هو سمة من سمات هذا القرآن البديع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

وقوله : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال البخاري : أخبرنا سعيد بن النضر ، أخبرنا هُشَيم ، أخبرنا أبو بشر ، عن مجاهد قال : قال ابن عباس : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } حالا بعد حال - قال هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم .

هكذا رواه البخاري بهذا اللفظ{[29893]} ، وهو محتمل أن يكون ابن عباس أسند هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كأنه قال : سمعت هذا من نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فيكون قوله : " نبيكم " مرفوعا على الفاعلية من " قال " وهو الأظهر ، والله أعلم ، كما قال أنس : لا يأتي عام إلا والذي بعده شَرٌّ منه ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هُشَيْم ، أخبرنا أبو بشر ، عن مجاهد ؛ أن ابن عباس كان يقول : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : يعني نبيكم صلى الله عليه وسلم ، يقول : حالا بعد حال . وهذا لفظه{[29894]} .

وقال علي ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } حالا بعد حال . وكذا قال عكرمة ومُرَّة الطّيِّب ، ومجاهد ، والحسن ، والضحاك [ ومسروق وأبو صالح ]{[29895]} .

ويحتمل أن يكون المراد : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } حالا بعد حال . قال : هذا ، يعني المراد بهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فيكون مرفوعا على أن " هذا " و " نبيكم " يكونان مبتدأ وخبرا ، والله أعلم . ولعل هذا قد يكون هو المتبادر إلى كثير من الرواة ، كما قال أبو داود الطيالسي وغُنْدَر : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : محمد صلى الله عليه وسلم . ويؤيد هذا المعنى قراءةُ عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعامة أهل مكة والكوفة : " لَتَرْكَبَنّ " بفتح التاء والباء .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل ، عن الشعبي : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : لتركَبن يا محمد سماء بعد سماء . وهكذا رُوي عن ابن مسعود ، ومسروق ، وأبي العالية : { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } سماء بعد سماء .

قلت : يعنون ليلة الإسراء .

وقال أبو إسحاق ، والسدي{[29896]} عن رجل ، عن ابن عباس : { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } منزلا على منزل . وكذا رواه العوفي ، عن ابن عباس مثله - وزاد : " ويقال : أمرا بعد أمر ، وحالا بعد حال " .

وقال السدي نفسهُ : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } أعمال من قبلكم منزلا بعد منزل .

قلت : كأنه أراد معنى الحديث الصحيح : " لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم ، حَذْو القُذَّة بالقُذَّة ، حتى لو دخلوا جُحر ضَبِّ لدخلتموه " . قالوا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن ؟ " {[29897]} وهذا محتمل .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة ، حدثنا ابن جابر ، أنه سمع مكحولا يقول في قول الله : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : في كل عشرين سنة ، تحدثون أمرا لم تكونوا عليه .

وقال الأعمش : حدثني إبراهيم قال : قال عبد الله : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : السماء تنشق ثم تحمر ، ثم تكون لونا بعد لون .

وقال الثوري ، عن قيس بن وهب ، عن مرة ، عن ابن مسعود : { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : السماء مَرةً كالدهان ، ومرة تنشق .

وروى البزار من طريق جابر الجعفي ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } يا محمد ، يعني حالا بعد حال . ثم قال : ورواه جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس .

وقال سعيد بن جبير : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : قوم كانوا في الدنيا خسيس أمرهم ، فارتفعوا في الآخرة ، وآخرون كانوا أشرافا في الدنيا ، فاتضعوا في الآخرة .

وقال عكرمة : { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } حالا بعد حال ، فطيما بعد ما كان رضيعًا ، وشيخًا بعد ما كان شابا .

وقال الحسن البصري : { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } يقول : حالا بعد حال ، رخاء بعد شدة ، وشدة بعد رخاء ، وغنى بعد فقر ، وفقرا بعد غنى ، وصحة بعد سقم ، وسَقَما بعد صحة .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن عبد الله بن زاهر : حدثني أبي ، عن عمرو بن شَمِر ، عن جابر - هو الجعفي - عن محمد بن علي ، عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن ابن آدم لفي غفلة مما خُلِقَ له ؛ إن الله إذا أراد خلقه قال للملك : اكتب رزقه ، اكتب أجله ، اكتب أثره ، اكتب شقيا أو سعيدًا ، ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله إليه مَلَكا آخر فيحفظه حتى يدرك ، ثم يرتفع ذلك الملك ، ثم يوكل الله به ملكين يكتبان حسناته وسيئاته ، فإذا حَضَره الموتُ ارتفع ذانك الملكان ، وجاءه ملك الموت فقبض روحه ، فإذا دخل قبره رَدَّ الروح في جسده ، ثم ارتفع ملك الموت ، وجاءه مَلَكَا القبر فامتحناه ، ثم يرتفعان ، فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات ، فانتشطا كتابا معقودا في عنقه ، ثم حضرا معه : واحدٌ سائقا وآخر شهيدا " ، ثم قال الله عز وجل : { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } [ ق : 22 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال : " حالا بعد حال " . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن قدامكم لأمرا عظيما لا تَقدرُونه ، فاستعينوا بالله العظيم " {[29898]} .

هذا حديث منكر ، وإسناده فيه ضعفاء ، ولكن معناه صحيح ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

ثم قال ابن جرير بعد ما حكى أقوال الناس في هذه الآية من القراء والمفسرين : والصواب من التأويل قول من قال لَتَرْكَبَنّ أنت - يا محمد - حالا بعد حال وأمرًا بعد أمر من الشَّدَائد . والمراد بذلك - وإن كان الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُوَجَّها {[29899]} - جَميعَ الناس ، وأنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالا{[29900]} .


[29893]:- (3) صحيح البخاري برقم (4940).
[29894]:- (4) تفسير الطبري (30/78).
[29895]:- (1) زيادة من م.
[29896]:- (2) في م: "عن السدي".
[29897]:- (3) تقدم تخريج الحديث عند تفسير الآية: 34 من سورة التوبة.
[29898]:- (1) عزاه السيوطي في الدر المنثور (7/600) لابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية.
[29899]:- (2) في م: "متوجها".
[29900]:- (3) تفسير الطبري (30/80).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

وقوله : لَترْكَبُنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ اختلفت القرّاء في قراءته ، فقرأه عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه ، وابن عباس وعامة قرّاء مكة والكوفة : «لَترْكَبَنّ » بفتح التاء والباء . واختلف قارئو ذلك كذلك في معناه ، فقال بعضهم : لتركَبنّ يا محمد أنت حالاً بعد حال ، وأمرا بعد أمر من الشدائد . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن مجاهد ، أن ابن عباس كان يقرأ : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » يعني نبيكم صلى الله عليه وسلم حالاً بعد حال .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل حدّثه ، عن ابن عباس في «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : منزلاً بعد منزل .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » يقول : حالاً بعد حال .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » يعني : منزلاً بعد منزل ، ويقال : أمرا بعد أمر ، وحالاً بعد حال .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، قال : سمعت مجاهدا ، عن ابن عباس «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة في قوله «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : حالاً بعد حال .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هَوْذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : حالاً بعد حال .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سأل حفص الحسن عن قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : منزلاً عن منزل ، وحالاً عن حال .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا شريك ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال : سألت مرّة عن قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : حالاً بعد حال .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد «لَترْكَبُنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : حالاً بعد حال .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : حالاً عن حال .

قال : ثنا وكيع ، عن نصر ، عن عكرِمة ، قال : حالاً بعد حال .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : لتركبَنّ الأمور حالاً بعد حال .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » يقول : حالاً بعد حال ، ومنزلاً عن منزل .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : «لتَرْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » منزلاً بعد منزل ، وحالاً بعد حال .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، قال : حدثنا عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : أمرا بعد أمر .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : أمرا بعد أمر .

وقال آخرون ممن قرأ هذه المقالة ، وقرأ هذه القراءة عُنِي بذلك : لتركبنّ أنت يا محمد سماء بعد سماء . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن وأبو العالية «لَترْكَبَنّ » يعني محمدا صلى الله عليه وسلم طَبَقا عنْ طَبَقٍ السموات .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي الضحى ، عن مسروق «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : أنت يا محمد سماء عن سماء .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسماعيل ، عن الشعبيّ ، قال : سماء بعد سماء .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : سماء فوق سماء .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لتركَبُنّ الاَخرة بعد الأولى . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : الاَخرة بعد الأولى .

وقال آخرون ممن قرأ هذه القراءة : إنما عُنِي بذلك أنها تتغير ضروبا من التغيير ، وتُشَقّقُ بالغمام مرّة ، وتحمرّ أخرى ، فتصير وَرْدة كالدهان ، وتكون أخرى كالمهل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن مرّة ، عن ابن مسعود «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : السماء مرّة كالدّهان ، ومرّة تَشَقّق .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : سمعت أبا الزرقاء الهَمْداني ، وليس بأبي الزرقاء الذي يحدّث في المسح على الجوربين ، قال : سمعت مُرّة الهمداني ، قال : سمعت عبد الله يقول في هذه الاَية : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : السماء .

حدثني عليّ بن سعيد الكندىّ ، قال : حدثنا عليّ بن غراب ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله في قوله : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : هي السماء تغبرّ وتحمرّ وتَشَقّق .

حدثنا أبو السائب ، قال : ثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، في قوله : «لَترْكَبُنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : هي السماء تَشَقّق ، ثم تحمرّ ، ثم تنفطر قال : وقال ابن عباس : حالاً بعد حال .

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : قرأ عبد الله هذا الحرف : «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : السماء حالاً بعد حال ، ومنزلة بعد منزلة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله «لَترْكَبَنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ » قال : هي السماء .

حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي فروة ، عن مرّة ، عن ابن مسعود أنه قرأها نصبا ، قال : هي السماء .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، قال : هي السماء تغير لونا بعد لون .

وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين : لَترْكَبُنّ بالتاء ، وبضمّ الياء ، على وجه الخطاب للناس كافة ، أنهم يركبون أحوال الشدة حالاً بعد حال . وقد ذكر بعضهم أنه قرأ ذلك بالياء ، وبضم الباء ، على وجه الخبر عن الناس كافة ، أنهم يفعلون ذلك .

وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب : قراءة من قرأ بالتاء وبفتح الباء ، لأن تأويل أهل التأويل من جميعهم بذلك ورد وإن كان للقراءات الأُخَر وجوه مفهومة . وإذا كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا ، فالصواب من التأويل قول من قال : «لَترْكَبَنّ » أنت يا محمد حالاً بعد حال ، وأمرا بعد أمر من الشدائد . والمراد بذلك ، وإن كان الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم موجها ، جميع الناس ، أنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالاً .

وإنما قلنا : عُنِي بذلك ما ذكرنا ، أن الكلام قبل قوله : لَترْكَبُنّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ جرى بخطاب الجميع ، وكذلك بعده ، فكان أشبه أن يكون ذلك نظير ما قبله وما بعده .

وقوله : طَبَقا عَنْ طَبَقٍ من قول العرب : وقع فُلان في بنات طَبَق : إذا وقع في أمر شديد .