فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

{ لتركبن } أيها الناس { طبقا عن طبق } حالا بعد حال ، هذا جواب القسم ومحل عن طبق النصب على أنه صفة لطبقا مجاوزا لطبق ، أو على الحال من ضمير لتركبن أي مجاوزين أو مجاوزا ، قرئ بفتح الموحدة على أنه خطاب للواحد وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يصلح له ، وقرئ بضم الموحدة خطابا للجمع وهم الناس . قال الشعبي ومجاهد لتركبن يا محمد سماء بعد سماء ، قال الكلبي يعني تصعد فيها وهذا على القراءة الأولى ، وقيل درجة ورتبة بعد رتبة في القرب من الله ورفعة المنزلة .

وقيل المعنى لتركبن حالا بعد حال كل حالة منها مطابقة لأختها في الشدة ، وقيل المعنى لتركبن أيها الإنسان حالا بعد حال من كونك نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم حيا وميتا وغنيا وفقيرا ، فالخطاب للإنسان المذكور في قوله { يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا } واختار أبو حاتم وأبو عبيدة القراءة الثانية قالا لأن المعنى بالناس أشبه منه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وقرأ عمر رضي الله عنه ليركبن بالتحتية وضم الموحدة على الإخبار ، وروي عنه وعن ابن عباس أنهما قرآ بالغيبة وفتح الموحدة أي ليركبن الإنسان ، وروي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قرآ بكسر حرف المضارعة وهي لغة ، وقرئ بفتح حرف المضارعة وكسر الموحدة على أنه خطاب للنفس .

وقيل أن معنى الآية ليركبن القمر أحوالا من سرار واستهلال وهو بعيد ، قال مقاتل : طبقا عن طبق يعني الموت والحياة ، وقال عكرمة : رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ . وعن ابن مسعود : قال يعني السماء تنفطر ثم تنشق ثم تحمر ، وعنه قال : السماء تكون كالمهل وتكون وردة كالدهان وتكون واهية وتنشق فتكون حالا بعد حال ، وقيل يعني الشدائد وأهوال الموت ثم البعث ثم العرض ، وقيل " لتركبن سنن من كان قبلكم " كما ورد في الحديث الصحيح .