الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

ثم قال تعالى : ( لتركبن طبقا عن طبق )

هذا جواب القسم . والمعنى- على قراءة من ضم الباء- ( لَتَرْكَبُنَّ ) {[74762]} أيها الناس حالا بعد حال . والإنسان المتقدم ذكره بمعنى الناس ، لأنه اسم للجنس ، فعليه يعود الضمير في ( لتركبن ) لأنه قد تقدم ذكرهم في قوله : ( فأما من اوتي كتابه بيمينه ) وشماله {[74763]} ، وتأخر {[74764]} أيضا ذكره في قوله : ( فما لهم لا يومنون ) ، فلا يصرف الخبر عنهم في ( لتركبن ) إلى غيرهم إلا بدليل .

وقال ابن زيد : معناه ( لتركبن ) أيها الناس الآخرة بعد الأولى {[74765]} . فأما من فتح الباء {[74766]} فإنه جعله مصروفا إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

والمعنى : لتركبن –يا محمد- سماء بعد سماء ، وهو قول الحسن وأبي العالية والشعبي {[74767]} .

وقيل : التقدير لتركبن- يا محمد- الأمور بتغيرها {[74768]} حالا بعد حال {[74769]} .

[ وقيل : المعنى لتركبن الأمور حالا بعد حال فتكون الأمور فاعلة ، [ والتاء لتأنيث ] {[74770]} الجمع . وهو قول مجاهد ] {[74771]} .

وقيل المعنى : لتركبن السماء في تشققها وتلونها حالا بعد [ حال ] {[74772]} فيكون الفعل للسماء . وهو قول ابن مسعود {[74773]} . وقال : مرة كالدهان ومرة تشقق {[74774]} .

وكان ابن عباس يقرأ بفتح الباء ( ويقول : يعني نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : حالا بعد حال {[74775]} .

وقال ابن زيد : معنى ذلك : لتركبن يا محمد الآخرة بعد الأولى {[74776]} . وقيل : القراءة بفتح الباء ) {[74777]}على مخاطبة الإنسان على اللفظ ، أي لتركبن أيها الإنسان حالا بعد حال ، من مرض وصحة وشباب وهرم .

وقيل : ذلك في يوم القيامة .

فتكون على هذا القراءتان [ ترجعان ] {[74778]} إلى معنى ، إلا أن أحدهما حملت على المعنى فأتت بلفظ الجمع ، والأخرى حملت على اللفظ فجاءت بلفظ التوحيد .

وحكى الفراء أنه يقال : وقع في بنات طبق ، إذا وقع في أمر شديد {[74779]} . ويقال : مضى طبق من الناس ومضت طبقة وجاءت طبقة .

سموا {[74780]} طبقا لأنهم يطبقون الأرض .

وقد روي عن بعضهم [ أنه ] {[74781]} قرأ بالياء وضم الباء {[74782]} على الإخبار عن الناس أنهم سيركبون حالا بعد حال من الشدائد والأهوال .


[74762]:وقراءة عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين انظر: جامع البيان 30/125 وفي السبعة: 677 هي قراءة نافع وابن عامر وأبي عمرو، وعاصم. وانظر: المبسوط 466، وعزاها أيضاً إلى أبي جعفر ويعقوب.
[74763]:كذا في جميع النسخ، والأصح أن الذي تقدم هو قوله تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه... وأما من أوتي كتابه وراء ظهره) الآية.
[74764]:ث: وتأخذ.
[74765]:انظر: جامع البيان 30/124.
[74766]:وبه قرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه وابن عباس وعامة قراء مكة والكوفة كلهم قرأوا بفتح التاء والباء انظر: جامع البيان 30/122 وهي قراءة الكسائي وابن كثير وحمزة في السبعة: 677.
[74767]:انظر جامع البيان 30/124 حيث أخرجه عن ابن مسعود ومسروق أيضاً.
[74768]:ث: بتغييرها.
[74769]:روي هذا القول عن ابن عباس وعكرمة والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضاحك انظر: جامع البيان 30/123.
[74770]:أ: والثانية. ث: والثالثانية.
[74771]:ساقط من "م" والذي في تفسير مجاهد: 715 "لتركبن من الأمور يا محمد حالاً بعد حال" وروي مثله عن ابن مسعود والشعبي وهذا القول الذي أورده مكي ذكره أبو زرعة في الحجة: 756 عن ابن عباس ولم يذكر مجاهداً.
[74772]:ساقط من م.
[74773]:انظر: جامع البيان 30/124-125 والكشف 2/367 والدر 8/459.
[74774]:ث: تشق. وانظر: جامع البيان: 30/124 والمحرر 16/266.
[74775]:انظر: جامع البيان 30/122 والدر 8/459.
[74776]:انظر: المصدر السابق 30/124.
[74777]:ما بين قوسين (ويقول يعني –بفتح الباء) ساقط من ث.
[74778]:م، ث: ترجع.
[74779]:انظر: معاني الفراء 3/252.
[74780]:ث: سهواً.
[74781]:زيادة من أ، ث.
[74782]:هي قراءة أبي المتوكل وأبي عمران وابن يعمر في زاد المسير 9/67.