المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

5- ولو أنَّ هؤلاء صبروا - تأدباً معك - حتى تقصد الخروج إليهم لكان ذلك خيراً لهم في دينهم ، والله عظيم المغفرة ذو رحمة واسعة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

وبين لهم الأولى والأفضل وهو الصبر والانتظار حتى يخرج إليهم . وحبب إليهم التوبة والإنابة ، ورغبهم في المغفرة والرحمة .

وقد وعى المسلمون هذا الأدب الرفيع ، وتجاوزوا به شخص رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى كل أستاذ وعالم . لا يزعجونه حتى يخرج إليهم ؛ ولا يقتحمون عليه حتى يدعوهم . . يحكى عن أبي عبيد - العالم الزاهد الراوية الثقة - أنه قال : " ما دققت بابا على عالم قط حتى يخرج في وقت خروجه " . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

ثم أرشد إلى الأدب في ذلك فقال : { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } أي :

لكان لهم في ذلك الخيرة والمصلحة في الدنيا والآخرة .

ثم قال داعيا لهم إلى التوبة والإنابة : { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }

وقد ذُكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي ، فيما أورده غير واحد ، قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا وُهَيْب ، حدثنا موسى بن عقبة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن الأقرع بن حابس ، أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات ، فقال : يا محمد ، يا محمد - وفي رواية : يا رسول الله - فلم يجبه . فقال : يا رسول الله ، إن حمدي لزين ، وإن ذمي لشين ، فقال : " ذاك الله ، عز وجل " {[27053]} .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو عمار الحسين بن حُرَيْث المروزي ، حدثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن أبي إسحاق{[27054]} ، عن البراء في قوله : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ } قال : جاء رجل رسول الله{[27055]} فقال : يا محمد ، إن حمدي زين ، وذمي شين . فقال : " ذاك الله ، عز وجل " {[27056]} .

وهكذا ذكره الحسن البصري ، وقتادة مرسلا .

وقال سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي عَمْرَة قال : كان بِشْر بن غالب ولَبِيد بن عُطَارِد - أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب - وهما عند الحجاج جالسان - فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد : نزلت في قومك بني تميم : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ } قال : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال : أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا } [ الحجرات : 17 ] ، قالوا : أسلمنا ، ولم يقاتلك بنو أسد {[27057]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عَمرو بن علي الباهلي ، حدثنا المعتمر بن سليمان : سمعت داود الطفاوي يحدث عن أبي مسلم{[27058]} البجلي{[27059]} ، عن زيد بن أرقم قال : اجتمع أناس من العرب فقالوا : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به ، وإن يك ملكا نعش بجناحه . قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قالوا ، فجاءوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد ، يا محمد . فأنزل الله [ عز وجل ] {[27060]} : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ } قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني فمدها ، فجعل يقول : " لقد صدق الله قولك يا زيد ، لقد صدق الله قولك يا زيد " .

ورواه ابن جرير ، عن الحسن بن عرفة ، عن المعتمر بن سليمان ، به{[27061]} .


[27053]:- (1) المسند (3/488)، وقال الهيثمي في المجمع (7/108): "إسناد أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع بن حابس، وإلا فهو مرسل".
[27054]:- (2) في ت: "وروى ابن جرير بسنده".
[27055]:- (3) في ت، أ: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".
[27056]:- (4) تفسير الطبري (26/77).
[27057]:- (5) تفسير الطبري (26/77).
[27058]:- (6) في م، أ: "سلمة".
[27059]:- (7) في ت: "وروى ابن جرير بسنده".
[27060]:- (8) زيادة من أ.
[27061]:- (1) تفسير الطبري (26/77) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (5/210) من طريق إسحاق بن راهويه عن معتمر بن سليمان به، قال الهيثمي في المجمع (7/108): "فيه داود الطفاوي وثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".