المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَشۡكُرُونَ} (58)

58- والأرض الطيبة الجيدة التربة يخرج نباتها نامياً حياً بإذن ربه ، والأرض الخبيثة لا تخرج إلا نباتاً قليلاً عديم الفائدة يكون سبب نَكَدٍ لصاحبها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَشۡكُرُونَ} (58)

54

ويختم السياق هذه الرحلة في أقطار الكون وأسرار الوجود ، بمثل يضربه للطيب وللخبيث من القلوب . ينتزعه من جو المشهد المعروض ، مراعاة للتناسق في المرائي والمشاهد ، وفي الطبائع والحقائق :

( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكداً . كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون ) .

والقلب الطيب يشبه في القرآن الكريم وفي حديث رسول الله [ ص ] بالأرض الطيبة ، وبالتربة الطيبة . والقلب الخبيث يشبه بالأرض الخبيثة وبالتربة الخبيثة . فكلاهما . . القلب والتربة . . منبت زرع ، ومأتى ثمر . القلب ينبت نوايا ومشاعر ، وانفعالات واستجابات ، واتجاهات وعزائم ، وأعمالاً بعد ذلك وآثاراً في واقع الحياة . والأرض تنبت زرعاً وثمراً مختلفاً أكله وألوانه ومذاقاته وأنواعه . .

( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ) . .

طيباً خيراً ، سهلاً ميسراً .

( والذي خبث لا يخرج إلا نكداً ) . .

في إيذاء وجفوة ، وفي عسر ومشقة . .

والهدى والآيات والموعظة والنصيحة تنزل على القلب كما ينزل الماء على التربة . فإن كان القلب طيباً كالبلد الطيب ، تفتح واستقبل ، وزكا وفاض بالخير . وإن كان فاسداً شريراً - كالذي خبث من البلاد والأماكن - استغلق وقسا ، وفاض بالشر والنكر والفساد والضر . وأخرج الشوك والأذى ، كما تخرج الأرض النكدة !

( كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون ) .

والشكر ينبع من القلب الطيب ، ويدل على الاستقبال الطيب ، والانفعال الطيب . ولهؤلاء الشاكرين الذين يحسنون التلقي والاستجابة تصرف الآيات . فهم الذين ينتفعون بها ، ويصلحون لها ، ويصلحون بها . .

والشكر هو لازمة هذه السورة التي يتكرر ذكرها فيها . . كالإنذار والتذكير . وقد صادفنا هذا التعبير فيما مضى من السياق ، وسنصادفه فيما هو آت . . فهو من ملامح السورة المميزة في التعبير ، كالإنذار والتذكير . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَشۡكُرُونَ} (58)

وقوله : { وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } أي : والأرض الطيبة يخرج نباتها سريعًا حسنا ، كما قال : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } [ آل عمران : 37 ]

{ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا } قال مجاهد وغيره : كالسباخ ونحوها .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في الآية : هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر .

وقال البخاري : حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا حماد بن أسامة{[11841]} عن بُرَيد{[11842]} بن عبد الله ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم ، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا ، فكانت منها نقية قبلت الماء ، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير . وكانت منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا وسقوا وزرعوا . وأصاب منها طائفة أخرى ، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت{[11843]} فذلك مثل من فَقُه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به ، فَعَلم وَعَلَّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا . ولم يَقْبَل هُدَى الله الذي أُرْسِلْتُ به " .

رواه مسلم والنسائي من طرق ، عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، به{[11844]}


[11841]:في أ: "ابن أبي أسامة" وهو خطأ.
[11842]:في أ: "يزيد".
[11843]:في ك، د، م، أ: "ولا تنبت كلأ".
[11844]:صحيح البخاري برقم (79)، وصحيح مسلم برقم (2282)، وسنن النسائي الكبرى برقم (5843).