المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

30- في ذلك الموقف تعلم كل نفس ما قدَّمت من خير أو شر ، وتلقى جزاءها . وفي هذا الموقف أيقن المشركون بوحدانية الله الحق ، وبطل كل ما كانوا يفترونه على الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

26

عندئذ ، وفي هذا الموقف المكشوف ، تختبر كل نفس ما أسلفت من عمل ، وتدرك عاقبته إدراك الخبرة والتجربة :

هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت . .

وهنالك يتكشف الموقف عن رب واحد حق يرجع إليه الجميع ، وما عداه باطل :

( وردوا إلى الله مولاهم الحق ) . .

وهنالك لا يجد المشركون شيئا من دعاويهم ومزاعمهم وآلهتهم ، فكله شرد عنهم ولم يعد له وجود :

( وضل عنهم ما كانوا يفترون ) . .

وهكذا يتجلى المشهد الحي ، في ساحة الحشر ، بكل حقائقه ، وبكل وقائعه ، وبكل مؤثراته واستجاباته . تعرضه تلك الكلمات القلائل ، فتبلغ من النفس ما لا يبلغه الإخبار المجرد ، ولا براهين الجدل الطويل !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

القول في تأويل قوله تعالى : { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلّ نَفْسٍ مّآ أَسْلَفَتْ وَرُدّوَاْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقّ وَضَلّ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } .

اختلفت القرّاء في قراءة قوله : هُنالِكَ تَبْلُو كُلّ نَفْس بالباء ، بمعنى : عند ذلك تختبر كلّ نفس بما قدّمت من خير أو شرّ . وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك مجاهد .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : هُنالكَ تَبْلُو كُلّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ قال : تختبر .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز : «تَتْلُو كُلّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ » بالتاء .

واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله ، فقال بعضهم : معناه وتأويله : هنالك تتبع كلّ نفس ما قدمت في الدنيا لذلك اليوم . ورُوي بنحو ذلك خبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجه وسند غير مرتضى أنه قال : «يُمَثّلُ لِكُلّ قَوْمٍ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ يَوْمَ القِيامَةِ ، فَيَتّبِعُونَهُمْ حتى يُورِدُوهُمُ النّارَ » قال : ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : «هُنالكَ تَبْلُو كُلّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ » . وقال بعضهم : بل معناه : تتلو كتاب حسناته وسيئاته ، يعني تقرأ ، كما قال جلّ ثناؤه : ونُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابا يَلْقاهُ مَنْشُورا .

وقال آخرون : تبلو : تعاين . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : هُنالكَ تَبْلُو كُلّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ قال : ما عملت . تبلو : تعاينه .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء ، وهما متقاربتا المعنى وذلك أن من تبع في الاَخرة ما أسلف من العمل في الدنيا ، هجم به على مورده ، فيخبر هنالك ما أسلف من صالح أو سيىء في الدنيا ، وإن من خير من أسلف في الدنيا من أعماله في الاَخرة ، فإنما يخبر بعد مصيره إلى حيث أحله ما قدم في الدنيا من علمه ، فهو في كلتا الحالتين متبع ما أسلف من عمله مختبر له ، فبأيتهما قرأ القارىء كما وصفنا فمصيب الصواب في ذلك .

أما قوله : وَرُدّوا إلى اللّهِ مَوْلاهُمُ الحَقّ فإنه يقول : ورجع هؤلاء المشركون يومئذ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحقّ لا شكّ فيه دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الاَلهة والأنداد . وَضَلّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ يقول : وبطل عنهم ما كانوا يتخرّصون من الفرية والكذب على الله بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء ، وأنها تقرّبهم منه زلفى . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَرُدّوا إلى اللّهِ مَوْلاهُمُ الحَقّ وَضَلّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ قال : ما كانوا يدعون معه من الأنداد والاَلهة ، ما كانوا يفترون الاَلهة ، وذلك أنهم جعلوها أندادا وآلهة مع الله افتراء وكذبا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

و { هنالك } نصب على الظرف . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر :[ تبلو ]بالباء بواحدة بمعنى : تختبر ، وقرأ حمزة ، والكسائي :[ تتلو ]بالتاء بنقطتين من فوق بمعنى : تتبع ، أي :تطلب وتتبع ما أسلفت من أعمالها ، ويصح أن يكون بمعنى : تقرأ كتبها التي ترفع إليها . وقرأ يحيى بن وثاب «وردوا » بكسر الراء والجمهور «وردوا إلى الله » ، أي ردوا إلى عقاب مالكهم وشديد بأسه ، فهو مولاهم في الملك والإحاطة لا في الرحمة والنصر ونحوه .