الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

قوله : { هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت } إلى قوله { لا يومنون }[ 30-32 ] .

{ هنالك } : نصب على الظرف ، واللام زائدة ، وكسرت لالتقاء الساكنين ، والكاف للخطاب {[30912]} . والمعنى : في ذلك الوقت {[30913]} .

ومن/ قرأ ( تتلو ) بتاءين {[30914]} فمعناه : في ذلك الوقت تتبع كل نفس ما قدمت من عمل .

روي {[30915]} عن النبي صلى الله عليه وسلم {[30916]} أنه قال : " يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله سبحانه {[30917]} فيتبعونه حتى يردوا بهم إلى النار . ثم تلا هذه الآية " {[30918]} .

والعرب تقول : فلان ( يتلو طريقة أبيه ) : أي : يتبع {[30919]} ، ومنه قوله : { ويتلوه شاهد منه } {[30920]} .

وقيل : معنى {[30921]} { يتلو } تقرأ . أي : في ذلك الوقت يقرأ كل إنسان ما أسلفه في الدنيا من عمل ، أي : يقرأ كتاب حسابه كما قال : { ونخرج له يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا } {[30922]} .

وقال ابن زيد : تتلو {[30923]} : تعاين ما عملت {[30924]} .

ومن قرأ ( تبلو ) {[30925]} بالباء {[30926]} فمعناه : تختبر كل نفس ثواب ما عملت من خير ، أو شر . وتصديق ذلك قوله : { يوم تبلى السرائر } {[30927]} ، والقراءتان متقاربتان ، لأن {[30928]} من اختبر شيئا فقد اتبعه ليختبره ومن اتبع شيئا فهو أقرب الناس إلى اختباره وقراءته ومعاينيه {[30929]} .

قوله : { مواليهم الحق }[ 30 ] يجوز نصب {[30930]} الحق على المصدر المؤكد لردوا ، أو لمولاهم . ويجوز نصبه على المدح بمعنى ( أغنى ) {[30931]} ويجوز الرفع على ( هو مولاهم الحق ) ، والخفض على النعت لله عز وجل {[30932]} {[30933]} .

{ وضل عنهم }[ 30 ] : أي : بطل ما كانوا يفترون ، أي : يتخرصون من الأنداد والآلهة {[30934]} . و( ما ) والفعل مصدر في موضع رفع ب( ضَلَّ ) .


[30912]:انظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/17.
[30913]:انظر هذا المعنى في: إعراب النحاس 2/252.
[30914]:وهي قراءة حمزة، والكسائي من السبعة، وخلف من العشرة، وزاد الفراء نسبتها في معانيه إلى ابن مسعود. وانظر جامع البيان 15/81، والسبعة 325، ورواها أيضا في المبسوط 233، عن روح، عن يعقوب، وانظر: الحجة 331، والكشف /517، والتيسير 121، والمحرر 9/37، والجامع 8/213، والنشر 2/283.
[30915]:ق: وروي.
[30916]:ط: صم.
[30917]:ساقطة من ق.
[30918]:هذا الأثر أخرجه الطبري في: جامع البيان 15/81، وقال بأنه مروي من وجه، وسند غير مرتضى. وعقب عليه الشيخ شاكر بقوله: (لم أجد نص الخبر في غير هذا المكان مسندا)، ولا غير مسند، انظر: هامش المرجع السابق.
[30919]:انظر: اللسان: تلا.
[30920]:هود: 17.
[30921]:ق: المعنى.
[30922]:الإسراء: 13. وانظر هذا المعنى في: معاني الفراء 1/463، وجامع البيان 15/81، ومعاني الزجاج 3/17.
[30923]:ط: يبو.
[30924]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/82.
[30925]:في ط: يبو.
[30926]:وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم، وابن عامر، ونسبها الفراء في معانيه إلى مجاهد. انظر: غريب القرآن 196، وجامع البيان 15/80، والسبعة 325، والمبسوط 233، والحجة 331، وعزاها أيضا في المحرر 9/37 إلى: حمزة، والكسائي، وخلف، ويحيى بن وثاب، والأعمش، وانظر: البحر المحيط 5/156، والنشر 2/283.
[30927]:الطارق: 9.
[30928]:ط: لأنه.
[30929]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/82.
[30930]:ط: أن ننصب.
[30931]:ط: أعني.
[30932]:ساقط من ق.
[30933]:انظر هذا الإعراب في: معاني الزجاج 3/17-18، وإعراب النحاس 2/252، وإعراب مكي 1/380.
[30934]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/82.