النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

قوله عز وجل : { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ } فيه قراءتان :

إحداهما : بتاءين قرأ بها حمزة والكسائي ، وفي تأويلها ثلاثة أوجه :

أحدها : تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا ، قاله السدي ، ومنه قول الشاعر :

إن المريب يتبع المريبا *** كما رأيت الذيب يتلو الذيبا

الثاني : تتلو كتاب حسناتها وكتاب سيئاتها ، ومن التلاوة .

والثالث : تعاين كل نفس جزاء ما عملت .

والقراءة الثانية : وهي قراءة الباقين تتلو بالباء وفي تأويلها وجهان :

أحدهما : تسلم كل نفس .

الثاني : تختبر كل نفس ، قاله مجاهد .

{ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِ } أي مالكهم ، ووصف تعالى نفسه بالحق ، لأن الحق منه ، كما وصف نفسه بالعدل ، لأن العدل منه .

فإن قيل فقد قال تعالى : { وَأَنَّ الْكَافرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ } [ محمد : 11 ] فكيف صار هاهنا مولى لهم ؟ قيل ليس بمولى في النصرة والمعونة ، وهو مولى لهم في الملكية .

{ وَضلَّ عَنْهُم ما كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي بطل عنهم ما كانوا يكذبون .