لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (30)

أما قوله سبحانه وتعالى : { هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت } فهو كالتتمة للآية المتقدمة والمعنى في ذلك المقام أو ذلك الموقف أو ذلك الوقت على معنى استعارة إطلاق اسم المكان على الزمان وفي قوله تبلو قراءات قرئ بتاءين ولها معنيان أحدهما أنه من تلاه إذا تبعه أي تبع كل نفس ما أسلفت لأن العمل هو الذي يهدي النفس إلى الثواب أو العقاب .

الثاني : أن يكون من التلاوة والمعنى أن كل نفس تقرأ صحيفة عملها من خير أو شر . وقرئ : تبلو بالتاء المثناة والباء الموحدة ومعناه تخبر وتعلم . والبلو : الاختبار ومعناه : اختبارها ما أسلفت يعني : أنه إن قدم خيراً أو شراً قدم عليه وجوزي به { وردوا إلى الله مولاهم الحق } الرد : عبارة عن صرف الشيء إلى الموضع الذي جاء منه . والمعنى : وردوا إلى ما ظهر لهم من الله الذي هو مالكهم ومتولي أمرهم .

فإن قلت : قد قال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى { وأن الكافرين لا مولى لهم } فما الفرق ؟

قلت : المولى في اللغة يطلق على المالك ويطلق على الناصر ، فمعنى المولى هنا المالك ومعنى المولى هناك الناصر فحصل الفرق بين الآيتين { وضل عنهم ما كانوا يفترون } يعني وبطل وذهب ما كانوا يكذبون فيه في الدنيا وهو قولهم إن هذه الأصنام تشفع لنا .