في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ} (2)

ومعنى أن الله أحد : أنه الصمد . وأنه لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . . ولكن القرآن يذكر هذه التفريعات لزيادة التقرير والإيضاح :

( الله الصمد ) . . ومعنى الصمد اللغوي : السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه . والله - سبحانه - هو السيد الذي لا سيد غيره ، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد . وهو المقصود وحده بالحاجات ، المجيب وحده لأصحاب الحاجات . وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه ، ولا يقضي أحد معه . . وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ} (2)

وقوله : { اللّهُ الصّمَدُ } يقول تعالى ذكره : المعبود الذي لا تصلح العبادة إلاّ له الصمدُ .

واختلف أهل التأويل في معنى الصمد ، فقال بعضهم : هو الذي ليس بأجوف ، ولا يأكل ولا يشرب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عبد الرحمن بن الأسود ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة ، عن سلمة بن سابور ، عن عطية ، عن ابن عباس ، قال : الصمد : الذي ليس بأجوف .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الصمد : المُصْمَت الذي لا جوف له .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثلَه سواء .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الصمد : المُصْمَت الذي ليس له جوف .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ووكيع ، قالا : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الصمد : الذي لا جوف له .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران جميعا ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثلَه .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا الربيع بن مسلم ، عن الحسن ، قال : الصّمَدُ : الذي لا جوف له .

قال : ثنا الربيع بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة ، قال : أرسلني مجاهد إلى سعيد بن جُبير أسأله عن الصمد ، فقال : الذي لا جوف له .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبيّ ، قال : الصمدُ الذي لا يَطْعَم الطعام .

حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبيّ أنه قال : الصّمَدُ : الذي لا يأكل الطعام ، ولا يشرب الشراب .

حدثنا أبو كُرَيب وابن بشار ، قالا : حدثنا وكيع ، عن سلمة بن نُبَيط ، عن الضحاك ، قال : الصمدُ : الذي لا جوف له .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن إسماعيل ، عن عامر ، قال : الصمدُ : الذي لا يأكل الطعام .

حدثنا ابن بشار وزيد بن أخزم ، قالا : حدثنا ابن داود ، عن المستقيم بن عبد الملك ، عن سعيد بن المسيب قال : الصمدُ : الذي لا حِشوة له .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : الصمدُ : الذي لا جوف له .

حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا محمد بن رومي ، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش ، قال : ثني صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : لا أعلمه إلاّ قد رَفَعه ، قال : الصّمَد الذي لا جوف له .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، عن الربيع بن مسلم ، قال : سمعت الحسن يقول : الصّمَدُ : الذي لا جوف له .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عكرِمة ، قال : الصمدُ : الذي لا جوف له .

وقال آخرون : هو الذي لا يخرج منه شيء . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت عِكْرِمة ، قال في قوله : الصّمَدُ : الذي لم يخرج منه شيء ، ولم يَلِد ، ولم يُولَد .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي رجاء محمد بن يوسف ، عن عكرِمة قال : الصمدُ : الذي لا يخرج منه شيء .

وقال آخرون : هو الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : الصّمَدُ : الذي لم يلد ولم يولد ؛ لأنه ليس شيء يلد إلاّ سيورث ، ولا شيء يولد إلاّ سيموت ، فأخبرهم تعالى ذكره أنه لا يُورث ولا يموت .

حدثنا أحمد بن منيع ومحمود بن خِداش قالا : حدثنا أبو سعيد الصّنْعانيّ ، قال : قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم : أنسُب لنا ربك ، فأنزل الله : { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أحَدٌ } لأنه ليس شيء يولد إلاّ سيموت ، وليس شيء يموت إلاّ سيُورث ، وإن الله جلّ ثناؤه لا يموت ولا يورث ، { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أحَدٌ } : ولم يكن له شبيه ولا عدل ، وليس كمثله شيء .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب : الصّمَد : الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .

وقال آخرون : هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه . ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو السائب ، قال : ثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : الصّمَدُ : هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه .

حدثنا أبو كريب وابن بشار وابن عبد الأعلى ، قالوا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : الصّمد : السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه ، ولم يقل أبو كُرَيب وابن عبد الأعلى سُؤدَدُه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل مثله .

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { الصّمَدُ } يقول : السيد الذي قد كمل في سُؤدَدِه ، والشريف الذي قد كمُل في شرفه ، والعظيم الذي قد عظُم في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والغنيّ الذي قد كمل في غناه ، والجبّار الذي قد كمل في جبروته ، والعالم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسّؤدَد ، وهو الله سبحانه هذه صفته ، لا تنبغي إلاّ له .

وقال آخرون : بل هو الباقي الذي لا يفنَى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهَ الصّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } قال : كان الحسن وقتادة يقولان : الباقي بعد خلقه ، قال : هذه سورة خالصة ، ليس فيها ذكر شيء من أمر الدنيا والآخرة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : الصّمَدُ : الدائم .

قال أبو جعفر : الصّمَدُ عند العرب : هو السيد الذي يُصْمَدُ إليه ، الذي لا أحد فوقه ، وكذلك تسمي أشرافَها ، ومنه قول الشاعر :

ألا بَكَرَ النّاعي بِخَيْرَيْ بَنِي أسَدْ *** بعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبالسّيّدِ الصّمَدْ

وقال الزبرقان :

*** وَلا رَهِينَةَ إلاّ سَيّدٌ صَمَدُ ***

فإذا كان ذلك كذلك ، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة ، المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه ولو كان حديث ابن بُريدة ، عن أبيه صحيحا ، كان أولى الأقوال بالصحة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما عَنى الله جلّ ثناؤه ، وبما أنْزل عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ} (2)

{ الله الصمد } السيد المصمود إليه في الحوائج ، من صمد إليه إذا قصد ، وهو الموصوف به على الإطلاق ، فإنه يستغني عن غيره مطلقا ، وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته ، وتكرير لفظة الله للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية ، وإخلاء الجملة عن العاطف ؛ لأنها كالنتيجة للأولى أو الدليل عليها .