{ الله الصمد } أي الذي يصمد إليه في الحوائج ، ويقصد إليه في الرغائب ؛ إذ ينتهي إليه منتهى السؤدد ، قاله الغزالي في ( المقصد الأسنى ) ، وهكذا قال ابن جرير{[7582]} : الصمد عند العرب هو السيد الذي يصمد إليه ، الذي لا أحد فوقه ، وكذلك تسمي أشرافها ، ومنه قول الشاعر {[7583]} :
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
قال الشهاب : فهو ( فعل ) بمعنى مفعول ، وصمد بمعنى قصد ، فيتعدى بنفسه ، وباللام ، وإلى . وقال ابن تيمية رحمه الله : وفي الصمد للسلف أقوال متعددة ، قد يظن أنها مختلفة ، وليست كذلك ؛ بل كلها صواب ، والمشهور منها قولان :
أحدهما أن الصمد هو الذي لا جوف له .
والثاني : أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج .
والأول : هو قول أكثر السلف من الصاحبة والتابعين وطائفة من أهل اللغة .
والثاني : قول طائفة من السلف والخلف وجمهور اللغويين .
ثم توسع رحمه الله في مأخذ ذلك واشتقاقه والمأثور فيه إلى أن قال :
وإنما أدخل اللام في { الصمد } ولم يدخلها في { أحد } ؛ لأنه ليس في الموجودات ما يسمى أحدا في الإثبات مفردا غير مضاف ، ولم يوصف به شيء من الأعيان إلا الله وحده ، وإنما يستعمل في غير الله في النفي ، وفي الإضافة ، وفي العدد المطلق ، وأما اسم الصمد فقد استعمله أهل اللغة في حق المخلوقين كما تقدم ، فلم يقل : صمد ؛ بل قال { الله الصمد } ، فبين أنه المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه ، فإنه المستوجب لغايته على الكمال ، والمخلوق وإن كان صمدا من بعض الوجوه فإن حقيقته الصمدية منتفية عنه ، فإنه يقبل التفرق والتجزئة ، وهو أيضا محتاج إلى غيره ، فإن كل ما سوى الله محتاج إليه من كل وجه ، فليس أحد يصمد إليه كل شيء ، ولا يصمد هو إلى شيء إلا الله ، وليس في المخلوقات إلا ما يقبل أن يتجزأ ويتفرق وينقسم وينفصل بعضه من بعض ، والله سبحانه هو الصمد الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك ؛ بل حقيقة الصمدية وكمالها له وحده واجبة لازمة ، لا يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه ، كما لا يمكن تثنية أحديته بوجه من الوجوه .
وقال أبو السعود : وتكرير الاسم الجليل للإشعار بأن من لم يتصف بذلك فهو بمعزل من استحقاق الألوهية ، وتعرية الجملة عن العاطف ؛ لأنها كالنتيجة للأولى ، بين أولا ألوهيته عز وجل المستتبعة لكافة نعوت الكمال ، ثم أحديته الموجبة تنزهه عن شائبة التعدد والتركيب بوجه من الوجوه ، وتوهم المشاركة في الحقيقة وخواصها ، ثم صمديته المقتضية لاستغنائه الذاتي عما سواه ، وافتقار جميع المخلوقات إليه في وجودها وبقائها وسائر أحوالها تحقيقا للحق ، وإرشادا لهم إلى سننه الواضح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.