وأما " الصمد " فقيل : إنّه فعل بمعنى " مفعول " من صمده إذا قصده ، أي هو السيد المقصود إليه في الحوائج كما مرّ في الحديث الوارد في سبب النزول . وقيل : هو الذي لا جوف له ، ومنه قولهم لسداد القارورة : " صماد " ، وشيء مصمد أي صلب ليس فيه رخاوة . قال ابن قتيبة : يجوز على هذا التفسير أن تكون الدال بدل التاء في " مصمت " . وقال بعض المتأخرين من أهل اللغة : الصمد هو الأملس من الحجر ، لا يقبل الغبار ، ولا يدخله شيء ، ولا يخرج منه شيء . ولا يخفى أن هذين المعنيين من صفات الأجسام حقيقة إلا أن مقدّمة الآية وهي { الله أحد } تمنع من حملهما على حقيقتهما ؛ لأن كل جسم مركب ، فوجب الحمل على المجاز ، وهو أنه لوجوب ذاته ممتنع التغير في وجوده وبقائه وسائر صفاته ، ومن هنا اختلفت عبارات المفسرين :
فعن بعضهم : الصمد هو العالم بجميع المعلومات ؛ لأن كونه مبدأ مرجوعاً إليه في قضاء الحاجات ، لا يتم إلا بذلك .
وعن ابن مسعود والضحاك : هو السيد الذي انتهى سودده .
وقال الأصم : هو الخلق للأشياء ؛ لأن السيد الحقيقي هو هو .
وقال السدي : هو المقصود في الرغائب ، المستغاث عند المصائب .
وقال الحسن بن الفضل : هو الذي يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد .
وقال قتادة : لا يأكل ولا يشرب ، وهو يطعم ولا يطعم .
وعن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه يغلب ولا يغلب .
وسائر عباراتهم كلها متقاربة ، تدور حول ما ذكرنا .
سؤال : لما جاء الخبر هاهنا معرفاً وفي قوله { الله أحد } منكراً ؟ الجواب ؛ لأنه كان معلوماً عندهم أنه غني على الإطلاق ، ومرجوع إليه في الحوائج { فإذا مس الإنسان ضرُّ دعا ربه } [ الزمر :8 ] ، أما التوحيد فلم يكن ثابتاً في أوهامهم ؛ بل ركز في أوهام العامة أن كل موجود فإنه محسوس ، وكل محسوس فهو منقسم ، فلا جرم جاء لفظ { أحد } منكراً ، ولفظ { الصمد } معرفاً .
آخر : لم مكرر ثانياً اسم الله ولم يقتصر على ضميره ؟ الجواب لما قيل :
هو المسك ما كررته يتضوّع *** . . . . . . . .
ولأنه قد سبق ضمير الشأن ، ولأنه يلزم الاشتراك ، ولما مر أن الإشارة بلفظة " هو " مرتبة الصديقين ، والخطاب بقوله { الله الصمد } لعموم الخلائق ، والسابقون منهم قليل ، فاعتبار الأغلب أولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.