" الله الصمد " أي الذي يصمد إليه في الحاجات . كذا روى الضحاك عن ابن عباس ، قال : الذي يصمد إليه في الحاجات ، كما قال عز وجل : { ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون }{[16567]} [ النحل : 53 ] . قال أهل اللغة : الصمد : السيد الذي يصمد إليه في النوازل والحوائج . قال :
ألا بَكَّرَ الناعِي بخيرِ{[16568]} بني أسد *** بعمرِو بن مسعود وبالسيد الصَّمَدِ
وقال قوم : الصمد : الدائم الباقي ، الذي لم يزل ولا يزال . وقيل : تفسيره ما بعده { لم يلد ولم يولد } . قال أبي بن كعب : الصمد : الذي لا يلد ولا يولد ؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا يورث . وقال علي وابن عباس أيضا وأبو وائل شقيق بن سلمة وسفيان : الصمد : هو السيد الذي قد انتهى سؤدده في أنواع الشرف والسؤدد ، ومنه قول الشاعر :
عَلَوْتُهُ بحسامٍ ثم قلت له *** خذهَا حُذَيْفَ فأنت السَّيِّد الصمدُ
وقال أبو هريرة : إنه المستغني عن كل أحد ، والمحتاج إليه كل أحد . وقال السدي : إنه : المقصود في الرغائب ، والمستعان به في المصائب . وقال الحسين بن الفضل : إنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . وقال مقاتل : إنه : الكامل الذي لا عيب فيه ، ومنه قول الزبرقان :
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا *** ولا رهينةً إلا سيدٌ صمدُ
وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير : الصمد : المصمت الذي لا جوف له{[16569]} ، قال الشاعر :
شهابُ حروبٍ لا تزال جِيادُه *** عَوَابِسَ يَعْلُكْنَ الشَّكِيمِ المُصَمَّدَا{[16570]}
قلت : قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصمد ، في ( كتاب الأسنى ) وأن الصحيح منها ما شهد له الاشتقاق ، وهو القول الأول ، ذكره الخطابي .
وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه ، وجعل النار مقامة ومثواه ، وقرأ " الله الواحد الصمد " في الصلاة ، والناس يستمعون ، فأسقط : " قل هو " ، وزعم أنه ليس من القرآن ، وغير لفظ " أحد " ، وادعى أن هذا الصواب ، والذي عليه الناس هو الباطل والمحال ، فأبطل معنى الآية ؛ لأن أهل التفسير قالوا : نزلت الآية جوابا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله صلى : صف لنا ربك ، أمن ذهب هو أم من نحاس أم من صفر ؟ فقال الله عز وجل ردا عليهم : { قل هو والله أحد } . ففي " هو " دلالة على موضع الرد ، ومكان الجواب ، فإذا سقط{[16571]} بطل معنى الآية ، وصح الافتراء على الله عز وجل ، والتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى الترمذي عن أبي بن كعب : أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك ، فأنزل الله عز وجل : { قل هو الله أحد . الله الصمد } . والصمد : الذي لم يلد ولم يولد ؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وأن الله تعالى لا يموت ولا يورث . { ولم يكن له كفوا أحد }{[16572]} قال : لم يكن له شبيه ولا عدل ، وليس كمثله شيء . وروي عن أبي العالية : إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر آلهتهم فقالوا : انسب لنا ربك . قال : فأتاه جبريل بهذه السورة { قل هو الله أحد } ، فذكر نحوه ، ولم يذكر فيه عن أبي بن كعب ، وهذا صحيح . قاله الترمذي .
قلت : ففي هذا الحديث إثبات لفظ { قل هو الله أحد } وتفسير الصمد ، وقد تقدم ، وعن عكرمة نحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.