المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

33- أَغَفلوا ولم يعلموا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعجز عن خلقهن قادر على إحياء الموتى ؟ بل هو قادر على ذلك ، لأنه - تعالى - على كل شيء تام القدرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

21

( أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى ? بلى . إنه على كل شيء قدير ) . .

وهي لفتة إلى كتاب الكون المنظور ، الذي ورد ذكره في أول السورة . وكثيرا ما يتضمن السياق القرآني مثل هذا التناسق بين قول مباشر في السورة ، وقول مثله يجيء في قصة ، فيتم التطابق بين مصدرين على الحقيقة الواحدة .

وكتاب الكون يشهد بالقدرة المبدعة ابتداء لهذا الخلق الهائل : السماوات والأرض . ويوحي للحس البشري بيسر الإحياء بعد الموت . وهذا الإحياء هو المقصود . وصياغة القضية في أسلوب الاستفهام والجواب أقوى

وآكد في تقرير هذه الحقيقة . ثم يجيء التعقيب الشامل : ( إنه على كل شيء قدير ) . . فتضم الإحياء وغيره في نطاق هذه القدرة الشاملة لكل شيء كان أو يكون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنّ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىَ بَلَىَ إِنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره : أو لم ينظر هؤلاء المنكرون إحياء الله خلقه من بعد وفاتهم ، وبعثه إياهم من قبورهم بعد بلائهم ، القائلون لاَبائهم وأمهاتهم أفَ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلَت القرون من قبلي فلم يبعثوا بأبصار قلوبهم ، فيروا ويعلموا أن الله الذي خلق السموات السبع والأرض ، فابتدعهنّ من غير شيء ، ولم يعي بإنشائهنّ ، فيعجز عن اختراعهنّ وإحداثهنّ بِقادِرٍ على أنْ يُحْيِي المَوْتَى فيخرجهم من بعد بلائهم في قبورهم أحياء كهيئتهم قبل وفاتهم .

واختلف أهل العربية في وجه دخول الباء في قوله : بِقادِرٍ فقال بعض نحويي البصرة : هذه الباء كالباء في قوله : كَفَى باللّهِ وهو مثل تَنْبُتُ بالدّهْنِ وقال بعض نحويي الكوفة : دخلت هذه الباء للمَ قال : والعرب تدخلها مع الجحود إذا كانت رافعة لما قبلها ، وتدخلها إذا وقع عليها فعل يحتاج إلى اسمين مثل قولك : ما أظنك بقائم ، وما أظنّ أنك بقائم ، وما كنت بقائم ، فإذا خلعت الباء نصبت الذي كانت تعمل فيه ، بما تعمل فيه من الفعل ، قال : ولو ألقيت الباء من قادر في هذا الموضع رفع ، لأنه خبر لأن ، قال : وأنشدني بعضهم :

فَمَا رَجَعَتْ بخائِبَةٍ رِكابٌ *** حَكِيمُ بنُ المُسيّبِ مُنْتَهاها

فأدخل الباء في فعل لو ألقيت منه نصب بالفعل لا بالباء ، يقاس على هذا ما أشبهه .

وقال بعض من أنكر قول البصريّ الذي ذكرنا قوله : هذه الباء دخلت للجحد ، لأن المجحود في المعنى وإن كان قد حال بينهما بأنّ «أوَ لَمْ يَرَوْا أنّ اللّهَ قادِرٌ على أنْ يُحْيِي المَوْتَى » قال : فأنّ اسم يَرَوْا وما بعدها في صلتها ، ولا تدخل فيه الباء ، ولكن معناه جحد ، فدخلت للمعنى .

وحُكي عن البصريّ أنه كان يأبى إدخال إلاّ ، وأن النحويين من أهل الكوفة يجيزونه ، ويقولون : ما ظننت أن زيدا إلا قائما ، وما ظننت أن زيدا بعالم . وينشد :

وَلَسْتُ بِحالِفٍ لَوَلَدْتُ مِنْهُمْ *** عَلى عَمّيّةٍ إلاّ زِيادا

قال : فأدخل إلا بعد جواب اليمين ، قال : فأما «كَفَى بِاللّهِ » ، فهذه لم تدخل إلا لمعنى صحيح ، وهي للتعجّب ، كما تقول لظَرُفَ بزيد . قال : وأما تَنْبُتُ بالدهن فأجمعوا على أنها صلة . وأشبه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : دخلت الباء في قوله بقادِرٍ للجَحْد ، لما ذكرنا لقائلي ذلك من العِلل .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : بِقادِرٍ فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار ، عن أبي إسحاق والجَحْدِريّ والأعرج بِقادِرٍ وهي الصحيحة عندنا لإجماع قرّاء الأمصار عليها . وأما الاَخرون الذين ذكرتهم فإنهم فيما ذُكر عنهم كانوا يقرأون ذلك «يقدر » بالياء . وقد ذُكر أنه في قراءة عبد الله بن مسعود «أنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَ السّمَواتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ » بغير باء ، ففي ذلك حجة لمن قرأه «بقادِرٍ » بالباء والألف . وقوله : بَلى إنّهُ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول تعالى ذكره : بلى ، يقدر الذي خلق السموات والأرض على إحياء الموتى : أي الذي خلق ذلك على كلّ شيء شاء خلقه ، وأراد فعله ، ذو قدرة لا يعجزه شيء أراده ، ولا يُعييه شيء أراد فعله ، فيعييه إنشاء الخلق بعد الفناء ، لأن من عجز عن ذلك فضعيف ، فلا ينبغي أن يكون إلها من كان عما أراد ضعيفا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

{ أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن } ولم يتعب ولم يعجز ، والمعنى أن قدرته واجبة لا تنقص ولا تنقطع بالإيجاد أبد الآباء . { بقادر على أن يحيى الموتى } أي قادر ، ويدل عليه قراءة يعقوب " يقدر " ، والباء مزيدة لتأكيد النفي فإنه مشتمل على { أن } وما في حيزها ولذلك أجاب عنه بقوله : { بلى إنه على كل شيء قدير } تقرير للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود ، كأنه صدر السورة بتحقيق المبدأ أراد ختمها بإثبات المعاد .