المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

12- ولقد أعطينا لقمان الحكم والعلم والإصابة في القول ، وقلنا له : اشكر الله على ما أعطاك من النعم . ومن يشكر فإنما يبتغى الخير لنفسه ، ومن كفر النعم ولم يشكرها فإن الله غير محتاج إلى شكره ، وهو مستحق للحمد وإن لم يحمده أحد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

بعد ذلك يبدأ الجولة الثانية . يبدؤها في نسق جديد . نسق الحكاية والتوجيه غير المباشر . ويعالج قضية الشكر لله وحدة ، وتنزيهه عن الشرك كله ، وقضية الآخرة والعمل والجزاء في خلال الحكاية .

( ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ؛ ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ، ومن كفر فإن الله غني حميد ) .

ولقمان الذي اختاره القرآن ليعرض بلسانه قضية التوحيد وقضية الآخرة تختلف في حقيقته الروايات : فمن قائل : إنه كان نبيا ، ومن قائل : إنه كان عبدا صالحا من غير نبوة - والأكثرون على هذا القول الثاني - ثم يقال : إنه كان عبدا حبشيا ، ويقال : إنه كان نوبيا . كما قيل : إنه كان في بني إسرائيل قاضيا من قضاتهم . . وأيا من كان لقمان فقد قرر القرآن أنه رجل آتاه الله الحكمة . الحكمة التي مضمونها ومقتضاها الشكر لله : ( ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ) . . وهذا توجيه قرآني ضمني إلى شكر الله اقتداء بذلك الرجل الحكيم المختار الذي يعرض قصته وقوله . وإلى جوار هذا التوجيه الضمني توجيه آخر ، فشكر الله إنما هو رصيد مذخور للشاكر ينفعه هو ، والله غني عنه . فالله محمود بذاته ولو لم يحمده أحد من خلقه : ( ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه . ومن كفر فإن الله غني حميد ) . . وإذن فأحمق الحمقى هو من يخالف عن الحكمة ؛ ولا يدخر لنفسه مثل ذلك الرصيد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد آتينا لقمان الفقه في الدين ، والعقل ، والإصابة في القول . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمان الحِكْمَةَ قال : الفقه والعقل والإصابة في القول من غير نُبوّة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ أي الفقه في الإسلام . قال قَتادة : ولم يكن نبيا ، ولم يُوح إليه .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يونس ، عن مجاهد ، في قوله وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ قال : الحكمة : الصواب . وقال غير أبي بشر : الصواب في غير النبوّة .

حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، أنه قال : كان لقمان رجلاً صالحا ، ولم يكن نبيا .

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأَوْديّ وابن حميد ، قالا : حدثنا حَكّام ، عن سعيد الزبيديّ ، عن مجاهد ، قال : كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، قاضيا على بني إسرائيل .

حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرمليّ ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : كان لقمان عبدا أسود ، عظيم الشفتين ، مُشقّق القدمين .

حدثني عباس بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، قال : ثني يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : كان لقمان الحكيم أسود من سودان مصر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أشعث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان لقمان عبدا حبشيا .

حدثنا العباس بن الوليد ، قال : أخبرنا أبي ، قال : حدثنا الأوزاعيّ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن حَرْملة ، قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأل ، فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان : بِلال ، ومهجّع مولى عمر بن الخطاب ، ولُقمان الحكيم ، كان أسود نوبيا ذا مشافر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أبي الأشهب ، عن خالد الرّبَعِيّ ، قال : كان لقمان عبدا حبشيا نجارا ، فقال له مولاه : اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها . قال : أخرج أطيب مُضْغَتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب . ثم مكث ما شاء الله ، ثم قال : اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها . فقال : أخرج أخبث مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، فقال له مولاه : أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما ، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما فقال له لقمان : إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خَبثا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم ، قال : حدثنا عمرو بن قيس ، قال : كان لقمان عبدا أسود ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، فأتاه رجل ، وهو في مجلس أناس يحدّثهم ، فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟ قال : نعم ، قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ قال : القرآن .

قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الحكمة : الأمانة .

وقال آخرون : كان نبيا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة ، قال : كان لقمان نبيا .

وقوله : أنِ اشْكُرْ لِلّهِ : يقول تعالى ذكره : ولقد آتينا لقمان الحكمة ، أن احمد الله على ما آتاك من فضله وجعل قوله أنِ اشْكُرْ ترجمة عن الحكمة ، لأن من الحكمة التي كان أوتيها ، كان شكره الله على ما آتاه . وقوله : وَمَنْ يَشْكُرْ فإنّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ يقول : ومن يشكر الله على نعمه عنده فإنما يشكر لنفسه ، لأن الله يُجزل له على شكره إياه الثواب ، وينقذه به من الهلكة . وَمَنْ كَفَرَ فإنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ يقول : ومن كفر نعمة الله عليه ، إلى نفسه أساء ، لأن الله معاقبُه على كفرانه إياه ، والله غنيّ عن شكره إياه على نعمه ، لا حاجة به إليه ، لأن شكره إياه لا يزيد في سلطانه ، ولا ينقص كفرانه إياه مِن ملكه . ويعني بقوله حَمِيدٌ محمود على كلّ حال ، له الحمد على نعمه ، كفر العبد نعمته أو شكره عليها وهو مصروف من مفعول إلى فَعِيل .