المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا} (19)

19- وكما أنَمْنَاهم أيقظناهم ليسأل بعضهم بعضاً عن مدة مكثهم نائمين ، فقال واحد منهم : ما الزمن الذي مكثتموه في نومكم ؟ فقالوا : مكثنا يوماً أو بعض يوم ، ولما لم يكونوا مُسْتَيقنين من ذلك قالوا : اتركوا الأمر لله ، فهو الأعلم به ، وليذهب واحد منكم بهذه العملة الفضية إلى المدينة وليتخير أطيب الأطعمة فيأتيكم بطعام منه ، وليكن حسن التفاهم ، ولا يظهرن أمركم لأحد من الناس .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا} (19)

{ 19-20 } { وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا * إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا }

يقول تعالى : { وكذلك بعثناهم } أي : من نومهم الطويل { ليتساءلوا بينهم } أي : ليتباحثوا للوقوف على الحقيقة من مدة لبثهم .

{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } وهذا مبني على ظن القائل ، وكأنهم وقع عندهم اشتباه . في طول مدتهم ، فلهذا { قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } فردوا العلم إلى المحيط علمه بكل شيء ، جملة وتفصيلا ، ولعل الله تعالى -بعد ذلك- أطلعهم على مدة لبثهم ، لأنه بعثهم ليتساءلوا بينهم ، وأخبر أنهم تساءلوا ، وتكلموا بمبلغ ما عندهم ، وصار آخر أمرهم ، الاشتباه ، فلا بد أن يكون قد أخبرهم يقينا ، علمنا ذلك من حكمته في بعثهم ، وأنه لا يفعل ذلك عبثا . ومن رحمته بمن طلب علم الحقيقة في الأمور المطلوب علمها ، وسعى لذلك ما أمكنه ، فإن الله يوضح له ذلك ، وبما ذكر فيما بعده من قوله . { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا } فلولا أنه حصل العلم بحالهم ، لم يكونوا دليلا على ما ذكر ، ثم إنهم لما تساءلوا بينهم ، وجرى منهم ما أخبر الله به ، أرسلوا أحدهم بورقهم ، أي : بالدراهم ، التي كانت معهم ، ليشتري لهم طعاما يأكلونه ، من المدينة التي خرجوا منها ، وأمروه أن يتخير من الطعام أزكاه ، أي : أطيبه وألذه ، وأن يتلطف في ذهابه وشرائه وإيابه ، وأن يختفي في ذلك ، ويخفي حال إخوانه ، ولا يشعرن بهم أحدا . وذكروا المحذور من اطلاع غيرهم عليهم ، وظهورهم عليهم ، أنهم بين أمرين ، إما الرجم بالحجارة ، فيقتلونهم أشنع قتلة ، لحنقهم عليهم وعلى دينهم ، وإما أن يفتنوهم عن دينهم ، ويردوهم في ملتم ، وفي هذه الحال ، لا يفلحون أبدا ، بل يحشرون في دينهم ودنياهم وأخراهم ، وقد دلت هاتان الآيتان ، على عدة فوائد .

منها : الحث على العلم ، وعلى المباحثة فيه ، لكون الله بعثهم لأجل ذلك .

ومنها : الأدب فيمن اشتبه عليه العلم ، أن يرده إلى عالمه ، وأن يقف عند حده .

ومنها : صحة الوكالة في البيع والشراء ، وصحة الشركة في ذلك .

ومنها : جواز أكل الطيبات ، والمطاعم اللذيذة ، إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه لقوله { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ } وخصوصا إذا كان الإنسان لا يلائمه إلا ذلك ولعل هذا عمدة كثير من المفسرين ، القائلين بأن هؤلاء أولاد ملوك لكونهم أمروه بأزكى الأطعمة ، التي جرت عادة الأغنياء الكبار بتناولها .

ومنها : الحث على التحرز ، والاستخفاء ، والبعد عن مواقع الفتن في الدين ، واستعمال الكتمان في ذلك على الإنسان وعلى إخوانه في الدين .

ومنها : شدة رغبة هؤلاء الفتية في الدين ، وفرارهم من كل فتنة ، في دينهم وتركهم أوطانهم في الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا} (19)

{ وكذلك بعثناهم } وكما أنمناهم آية بعثناهم آية على كمال قدرتنا . { ليتساءلوا بينهم } ليسأل بعضهم بعضا فتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم فيزدادوا يقينا على كمال قدرة الله تعالى ، ويستبصروا به أمر البعث ويشركوا ما أنعم الله به عليهم . { قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم } بناء على غالب ظنهم لأن النائم لا يحصي مدة نومه ولذلك أحالوا العلم إلى الله تعالى . { قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } ويجوز أن يكون ذلك قول بعضهم وهذا إنكار الآخرين عليهم . وقيل إنهم دخلوا الكهف غدوة وانتبهوا ظهيرة وظنوا أنهم في يومهم أو اليوم الذي بعده قالوا ذلك ، فلما نظروا إلى طول أظفارهم وأشعارهم قالوا هذا ثم لما علموا أن الأمر ملتبس لا طريق لهم إلى علمه أخذوا فيما يهمهم وقالوا : { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة } والورق الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة ، وقرأ أبو بكر وأبو عمرو وحمزة وروح عن يعقوب بالتخفيف . وقرئ بالتثقيل وإدغام القاف في الكاف وبالتخفيف مكسور الواو مدغما وغير مدغم ، ورد المدغم لالتقاء الساكنين على غير حده ، وحملهم له دليل على أن التزود رأي المتوكلين والمدينة طرسوس . { فلينظر أيُّها } أي أهلها . { أزكى طعاما } أحل وأطيب أو أكثر وأرخص . { فليأتكم برزقٍ منه وليتلطّف } وليتكلف اللطف في المعاملة حتى لا يغبن ، أو في التخفي حتى لا يعرف . { ولا يشعرنّ بكم أحداً } ولا يفعلن ما يؤدي إلى الشعور .