الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا} (19)

قوله : { وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم } [ 19 ] إلى قوله : { إذا أبدا } [ 20 ] .

أي فكما أرقدناهم على هذه الصفة ، كذلك بعثناهم من رقدتهم { ليتساءلوا بينهم } [ 19 ] أي : ليسأل بعضهم بعضا و [ نعرفهم ] {[42426]} عظيم قدرتنا فيهم فيزدادوا بصيرة في أمرهم وفي إيمانهم إذ {[42427]} لبثوا مدة عظيمة من الزمان وهم في هيئهم لم يتغيروا ولا تغيرت ثيابهم {[42428]} .

ثم قال : { قائل منهم كم {[42429]} لبثتم } [ 19 ] .

أي : بعثناهم ليتساءلوا . فتساءلوا فقال : قائل منهم . كم لبثتم ؟ وذلك أنهم استنكروا {[42430]} من أنفسهم طول رقدتهم . { قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم } [ 19 ] {[42431]} .

وهذا يدل على أن الرعب منهم لمن رآهم {[42432]} لم يكن لطول شعورهم وأظفارهم ، إذ لو كان كذلك لعاينوا من أنفسهم أمرا يمنعهم أن يقولوا لبثنا يوما أو بعض يوم . فقال الآخرون : { ربكم أعلم بما لبثتم } [ 19 ] ويجوز أن يكون لما رأوا {[42433]} من طول شعورهم وأظفارهم ما أنكروا { قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } [ 19 ] ردوا {[42434]} العلم إلى الله {[42435]} في ذلك [ سبحانه {[42436]} ] .

قال ابن جبير : قال أحدهم : لبثنا يوما ، وقال الآخر : لبثنا نحوه ، فقال كبيرهم : لا تختلفوا ، فإن الاختلاف هلكة { ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة } [ 19 ] يعنون مدينتهم التي خرجوا منها {[42437]} .

قال : ابن عباس : كانت ورقهم كأخفاف الربع ، وهو صغار الإبل {[42438]} ، وقال : إنهم قاموا من رقدتهم جياعا فلبثوا في طلب الطعام .

ومعنى : { أزكى طعاما } [ 19 ] عند عكرمة أكثر {[42439]} ، وهو قول أبي عبيدة {[42440]} . وقال : ابن جبير : أحل ذبيحة ، لأن القوم كانوا مجوسا {[42441]} . وعن ابن عباس { أزكى طعاما } أطهر طعاما {[42442]} . وقال : مقاتل : أزكى طعاما " أطيب طعاما {[42443]} . وقال : قتادة خير طعاما {[42444]} وقيل : أرخص {[42445]} . وعن ابن عباس : أزكى طعاما " أطهره لأنهم كانوا يذبحون الخنازير {[42446]} .

{ فلياتكم برزق منه } [ 19 ] أي : بطعام {[42447]} { وليتلطف } [ 19 ] أي : يرفق { لا يشعرن بكم أحدا } [ 19 ] أي : لا يعلمن {[42448]} بكم أحدا من الناس .


[42426]:ساقط من ط. وفي ق: يعرفهم.
[42427]:ق: "إذا".
[42428]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/216.
[42429]:ق: "لم كم".
[42430]:ط: "واستكثروا" ولعله الأصوب.
[42431]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/216.
[42432]:ق: "أرادهم".
[42433]:ساقط من ق.
[42434]:ط: "فردوا".
[42435]:ط: "الله عز وجل".
[42436]:ساقط من ط.
[42437]:انظر قوله: في إعراب النحاس 2/451، وهو فيه يرويه عن ابن عباس.
[42438]:وهو قول: عكرمة أيضا انظر: جامع البيان 15/217، والجامع 10/244.
[42439]:انظر قوله: في جامع البيان 15/223، وأحكام ابن العربي 3/231. والجامع 10/244.
[42440]:ق: "ابن عبيد" وهو خطأ وانظر قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1/397، وغريب القرآن 265.
[42441]:انظر قوله : في معنى الفراء 2/137، وجامع البيان 15/223. ومعاني الزجاج 3/276، وأحكام ابن العربي 3/1231 والجامع 10/244 وفيه أنه قول ابن عباس.
[42442]:انظر قوله: في إعراب النحاس 2/452 وأحكام ابن العربي 3/1231 والدر 5/374ز
[42443]:انظر قوله: في جامع البيان 10/244 ولم ينسبه.
[42444]:انظر قوله: في جامع البيان 15/223.
[42445]:انظر هذا القول: في غريب القرآن 265.
[42446]:وهو القول السابق، عنه.
[42447]:وهو قول: عبيد بن عمير، انظر جامع البيان 15/224.
[42448]:ق: "لا يعلمون" وهو تفسير أبي عبيدة، انظر: مجاز القرآن 1/397، وغريب القرآن 265، ومعاني الزجاج 3/276.