غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا} (19)

1

{ وكذلك } إشارة إلى المذكور قبله أي وكما أنمناهم تلك النومة وفعلنا بهم ما فعلنا من الكرامات كذلك { بعثناهم } وفيه تذكير لقدرته على الإنامة والبعث جميعاً ، ثم ذكر غاية بعثهم فقال : { ليتساءلوا } أي ليقع التساؤل بينهم والاختلاف والتنازع في مدة اللبث غرض صحيح لما فيه من انكشاف الحال وظهور آثار القدرة { قال قائل منهم كم لبثتم } قال ابن عباس : وهو رئيسهم يمليخارد علم ذلك إلى الله تعالى حين رأى التغير في شهورهم وأظفارهم وبشرتهم . والفاء في { فابعثوا } للتسبيب كأنه قل : واذ قد حصل اليأس من تعيين مدة اللبث فخذوا في شيء آخر مما يهمكم . والورق الفضة مضروبة أو غير مضروبة . وفي تزودهم الورق عند فرارهم دليل على أن إمساك بعض ما يحتاج إليه الإنسان في سفره وحضره لا ينافي التوكل على الله . والمدينة طرسوس . قال في الكشاف : { أيها } معناه أيّ أهلها { أزكى طعاماً } وأقول : يحتمل أن يعود الضمير إلى الأطعمة ذهناً كقوله : " زيد طيب أباً " على أن الأب هو زيد ، ويجوز أن يراد أي أطعمة المدينة أزكى طعاماً على الوجه المذكور . عن ابن عباس : يريد ما حل من الذبائح لأن عامة أهل بلدهم كانوا مجوساً وفيهم قوم يخفون أديانهم .

وقال مجاهد : احترزوا من المغصوب لأن ملكهم كان ظلماً . وقيل : أيها أطيب وألذ . وقيل : الرخص { وليتلطف } وليتكلف اللطف فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يغبن . والأظهر أنهم طلبوا اللطف في أمر التخفي حتى لا يعرف . يؤيده قوله { ولا يشعرون بكم أحد } أي لا يفعلن ما يؤدي إلى الشعور ويسبب له .

/خ26