{ 21-23 } { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
يخبر تعالى أن المشركين اتخذوا شركاء يوالونهم ويشتركون هم وإياهم في الكفر وأعماله ، من شياطين الإنس ، الدعاة إلى الكفر { شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } من الشرك والبدع ، وتحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم الله ونحو ذلك مما اقتضته أهواؤهم .
مع أن الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى ، ليدين به العباد ويتقربوا به إليه ، فالأصل الحجر على كل أحد أن يشرع شيئا ما جاء عن الله وعن رسوله ، فكيف بهؤلاء الفسقة المشتركين هم وأباؤهم على الكفر .
{ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي : لولا الأجل المسمى الذي ضربه الله فاصلا بين الطوائف المختلفة ، وأنه سيؤخرهم إليه ، لقضي بينهم في الوقت الحاضر بسعادة المحق وإهلاك المبطل ، لأن المقتضي للإهلاك موجود ، ولكن أمامهم العذاب الأليم في الآخرة ، هؤلاء وكل ظالم .
وقوله : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } أي : هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم ، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس ، من تحريم ما حرموا عليهم ، من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وتحليل الميتة والدم والقمار ، إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة{[25809]} الباطلة ، التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم ، من التحليل والتحريم ، والعبادات الباطلة ، والأقوال الفاسدة .
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت عمرو بن لُحَيّ بن قَمَعَة يَجُر قُصْبَه في النار " {[25810]} لأنه أول من سيب السوائب . وكان هذا الرجل أحد ملوك خزاعة ، وهو أول من فعل هذه الأشياء ، وهو الذي حَمَل قريشا على عبادة الأصنام ، لعنه الله وقبحه ؛ ولهذا قال تعالى : { وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي : لعوجلوا بالعقوبة ، لولا ما تقدم من الإنظار إلى يوم المعاد ، { وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : شديد موجع{[25811]} في جهنم وبئس المصير .
{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مّنَ الدّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
يقول تعالى ذكره أم لهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّهُ يقول : ابتدعوا لهم من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه وَلَوْلا كَلِمَةُ الفَصلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ يقول تعالى ذكره : ولولا السابق من الله في أنه لا يعجل لهم العذاب في الدنيا ، وأنه مضى من قيله إنهم مؤخرون بالعقوبة إلى قيام الساعة ، لفرغ من الحكم بينكم وبينهم بتعجيله العذاب لهم في الدنيا ، ولكن لهم في الاَخرة من العذاب الأليم ، كما قال جلّ ثناؤه : وَإنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ يقول : وإن الكافرين بالله لهم يوم القيامة عذاب مؤلم مُوجِع .
{ أم لهم شركاء } بل ألهم شركاء ، والهمزة للتقرير والتقريع وشركاؤهم شياطينهم . { شرعوا لهم } بالتزيين . { من الذين ما لم يأذن به الله } كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا . وقيل شركاؤهم أوثانهم وإضافتها إليهم لأنهم متخذوها شركاء ، وإسناد الشرع إليها لأنها سبب ضلالتهم وافتتانهم بما تدينوا به ، أو صور من سنة لهم . { ولولا كلمة الفصل } أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء ، أو العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة . { لقضي بينهم } بين الكافرين والمؤمنين ، أو المشركين وشركائهم . { وإن الظالمين لهم عذاب أليم } وقرئ " أن " بالفتح عطفا على كلمة { الفصل } أي { ولولا كلمة الفصل } وتقدير عذاب الظالمين في الآخرة لقضي بينهم في الدنيا ، فإن العذاب الأليم غالب في عذاب الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.