فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (21)

ولما بين سبحانه القانون في أمر الدنيا والآخرة ، أردفه ببيان ما هو الذنب العظيم الموجب للنار فقال : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ } أم منقطعة وتقديره بل ألهم شركاء ؟ وقيل هي المعادلة لألف الاستفهام وفي الكلام إضمار تقديره . أيقبلون ما شرع الله من الدين ؟ أم لهم آلهة { شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ } وقيل أم بمعنى بل التي للانتقال والهمزة التي للتوبيخ والتقريع ، وضمير شرعوا عائد إلى الشركاء وضمير لهم إلى الكفار وقيل العكس والأول أولى .

{ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } من الشرك والمعاصي والشرائع المضلة ، وإنكار البعث ، والعمل للدنيا ، والآية بعمومها تشمل كل شيء لم يأمر به الله سبحانه أو رسوله ، فيدخل فيه التقليد لأنه مما لم يأذن به الله بل ذمه في كتابه في غير موضع ، ولم يأذن به رسوله ، ولا إمام من أئمة الدين ، ولا أحد من سلف الأمة وسادتها وقادتها ، بل نهى عنه المجتهدون الأربعة ، ومن كان بعدهم من أهل الحق ، رَكْب الإيمان وأتباع السنة المطهرة ، وإنما أحدثه من أحدث من الجهال والعوام ، بعد القرون المشهود لها بالخير فرحم الله امرءا سمع الحق فاتبعه وسمع الباطل فتركه وأدمغه وبالله التوفيق .

{ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ } وهي تأخير عذابهم حيث قال : { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } في الدنيا فعوجلوا بالعقوبة ، والضمير في بينهم راجع إلى المؤمنين والمشركين أو إلى المشركين وشركائهم { وَإِنَّ الظَّالِمِينَ } أي المشركين الكافرين والمكذبين { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } مؤلم في الدنيا والآخرة قرأ الجمهور بكسر إن على الاستئناف وقرئ بفتحها عطفا على كلمة الفصل .