الآية 21 وقوله تعالى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } قال بعض أهل التأويل : أم لهم آلهة دوني شرعوا لهم ، أي سنّوا { لهم من الدين ما لم يأذن به الله } يعنون بالشركاء الأصنام التي عبدوها .
لكن علموا أن الأصنام لم يشرعوا لهم من الدين شيئا ، إلا أن يقال : إنه أضاف ذلك إلى الأصنام لما هم شرعوا لأنفسهم عبادتها ، فأضيف إليها ذلك .
وهو كقوله تعالى : { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } [ إبراهيم : 36 ] وإنهن لم يُضللن أحدا ، لكنه أضاف إليهن الإضلال لما بهنّ ضلّوا ، فأضاف إليهن الإضلال على التسبيب . فعلى ذلك الأول يحتمل ذلك .
ويشبه أن يكون غيره أولى بذلك ، وهو أن القادة والرؤساء هم الذين أضلوا الأتباع وشرعوا { لهم من الدين ما لم يأذن به الله } أي ما لم يأمر به الله . وهم كذلك كانوا يفعلون : يشرعون للأتباع دينا من ذات أنفسهم بلا حجة ولا برهان ، فيتّبعونهم{[18726]} به ، والرسل عليهم السلام قد أتوا بالدين بالحجج والبراهين من الله تعالى ، فلم يتبعوهم ، ويقولون : إنهم بشر ، ويتبعون بشرا بلا حجة ولا برهان ، يذكر سفههم في ما ذكر ، فكان المراد من الشركاء ، هم الرؤساء والقادة ، والله أعلم .
قال أبو عوسجة والقتبيّ : { من كان يريد حرث الآخرة } أي عمل للآخرة ، يقال : فلان يحرث للدنيا ، أي يعمل لها ، ويجمع المال . ومنه قول ابن عمر رضي الله عنه : ( احرُث لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) ومنه سمّي الرجل حارثا ، { وشرعوا لهم } أي ابتدعوا ، وسنّوا ، كذلك في قوله : { شرع لكم من الدين } [ الشورى : 13 ] أي ابتدع ، وسنّ .
وقوله تعالى : { ولولا كلمة الفصل لقُضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم } يحتمل وجهين :
أحدهما : الحُكم ، كأنه يقول : لولا أن الله تعالى حكم في هذه الآية بتأخير العذاب إلى يوم القيامة ، وهو ما ذكر أنه بعث رسوله صلى الله عليه وسلم رحمة لهم بقوله : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] .
والثاني : الفصل البيان ، تأويله : لولا ما وعد في الدنيا أنه يفصل بينهم ، وبيّن ، في الآخرة بما ذكر : { هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين } [ المرسلات : 38 ] ونحوه/491- أ/ .
وقيل : { ولولا كلمة الفصل } أي القضاء السابق أن الجزاء يوم القيامة { لقُضي بينهم } في الدنيا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.