الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (21)

وقوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدين مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ الله } ( أم ) هذه منقطعةٌ لا معادلةٌ ، وهي بتقدير «بل » ، وألف الاستفهام ، والشركاء في هذه الآية يحتمل أنْ يكونَ المراد بهم الشياطين والمُغْوِينَ من أسلافهم ، ويكون الضمير في { لَهُمْ } للكفار المعاصرين لمحمد عليه السلام فالاشتراك هاهنا هو في الكفر والغواية ، وليس بشركة الإشراك باللَّه ويحتمل أنْ يكون المراد بالشركاء : الأصنام والأوثان ؛ على معنى : أم لهم أصنام جعلوها شركاءَ للَّه في أُلُوهِيَّتِهِ ؟ ويكون الضمير في { شَرَعُواْ } لهؤلاء المعاصرين من الكفار ولآبائهم ، والضمير في { لَهُمْ } للأصنام الشركاء ، و{ شَرَعُواْ } معناه : أثبتوا ، ونهجوا ، ورسموا و{ الدين } هنا : العوائدُ والأحكامُ والسِّيرَةُ ، ويَدْخُلُ في ذلك أيضاً المُعْتَقَدَاتُ السُّوء ؛ لأَنَّهُم في جمِيع ذلك وضعوا أوضاعاً فاسدة ، وكلمة الفصل هي ما سبق من قضاء اللَّه تعالى بأَنَّهُ يُؤخِّرُ عقابهم للدار الآخرة ، والقضاء بينهم هو عذابهم في الدنيا ومجازاتهم .