التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (21)

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى توبيخ المشركين على إصرارهم على كفرهم ، وقارنت بين مصيرهم السئ ، وبين المصير الطيب الذى وعد الله به المؤمنين . . . فقال - تعالى - : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ . . . . بِذَاتِ الصدور } .

قال القرطبى : قوله - تعالى - : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ } أى : ألهم ، والميم صلة الهمزة للتقريع .

وهذا متصل بقوله : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً } وقوله - تعالى - : { الله الذي أَنزَلَ الكتاب بالحق والميزان } كانوا لا يؤمنون به ، فهل لهم آلهة شرعوا لهم الشرك الذى لم يأذن به الله ؟ وإذا استحال هذا فالله لم يشرع الشرك ، فمن أين يدينون به .

فالآية الكريمة تنكر عليهم شركهم بأبلغ أسلوب ، وتؤنبهم على جهالتهم حيث أشركوا بالله - تعالى - : دون أن يكون عندهم دليل أو ما يشبه الدليل على صحة ما وقعوا فيه من باطل .

والمراد بكلمة الفصل فى قوله - تعالى - : { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الفصل لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } ما تفضل به - سبحانه - من تأخير العذاب الماحق عنهم .

أى : ولولا حكمنا بتأخير العذاب عنهم - فضلا منا وكرما - لقضى الأمر بين هؤلاء الكافرين وبين المؤمنين ، بأن أهلكنا الكافرين واستأصلنا شأفتهم فى الدنيا ، ولكن شاء ربك أن يؤخر عذابهم إلى يوم القيامة .

{ وَإِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فى الآخرة ، بسبب إصرارهم على ظلمهم وموتهم على الكفر والشرك .