23{ هو الله الذي لا إله إلا هو ، المالك }لكل شيء على الحقيقة ، الكامل عن كل نقص ، المبرَّأ عما لا يليق ، ذو السلامة من النقائص ، المصدق رسله بما أيدهم به من معجزات ، الرقيب على كل شيء ، الغالب فلا يعجزه شيء ، العظيم الشأن في القوة والسلطان . المتعظم عما لا يليق بجماله وجلاله ، تنزَّه الله وتعالى عما يشركون .
ثم كرر [ ذكر ] عموم إلهيته وانفراده بها ، وأنه المالك لجميع الممالك ، فالعالم العلوي والسفلي وأهله ، الجميع ، مماليك لله ، فقراء مدبرون .
{ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ } أي : المقدس السالم من كل عيب وآفة ونقص ، المعظم الممجد ، لأن القدوس يدل على التنزيه عن كل نقص ، والتعظيم لله في أوصافه وجلاله .
{ الْمُؤْمِنُ } أي : المصدق لرسله وأنبيائه بما جاءوا به ، بالآيات البينات ، والبراهين القاطعات ، والحجج الواضحات .
{ الْعَزِيزُ } الذي لا يغالب ولا يمانع ، بل قد قهر كل شيء ، وخضع له كل شيء ، { الْجَبَّارُ } الذي قهر جميع العباد ، وأذعن له سائر الخلق ، الذي يجبر الكسير ، ويغني الفقير ، { الْمُتَكَبِّرُ } الذي له الكبرياء والعظمة ، المتنزه عن جميع العيوب والظلم والجور .
{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وهذا تنزيه عام عن كل ما وصفه به من أشرك به وعانده .
( هو الله الذي لا إله إلا هو ) . . يعيدها في أول التسبيحة التالية ، لأنها القاعدة التي تقوم عليها سائر الصفات . .
( الملك ) . . فيستقر في الضمير أن لا ملك إلا الله الذي لا إله إلا هو . وإذا توحدت الملكية لم يبق للمملوكين إلا سيد واحد يتوجهون إليه ، ولا يخدمون غيره . فالرجل لا يخدم سيدين في وقت واحد ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) . .
( القدوس )وهو اسم يشع القداسة المطلقة والطهارة المطلقة . ويلقي في ضمير المؤمن هذا الإشعاع الطهور ، فينظف قلبه هو ويطهره ، ليصبح صالحا لتلقي فيوض الملك القدوس ، والتسبيح له والتقديس .
( السلام ) . . وهو اسم كذلك يشيع السلام والأمن والطمأنينة في جنبات الوجود ، وفي قلب المؤمن تجاه ربه . فهو آمن في جواره ، سالم في كنفه . وحيال هذا الوجود وأهله من الأحياء والأشياء . ويؤوب القلب من هذا الاسم بالسلام والراحة والاطمئنان . وقد هدأت شرته وسكن بلباله وجنح إلى الموادعة والسلام .
( المؤمن )واهب الأمن وواهب الإيمان . ولفظ هذا الاسم يشعر القلب بقيمة الإيمان ، حيث يلتقي فيه بالله ، ويتصف منه بإحدى صفات الله . ويرتفع إذن إلى الملأ الأعلى بصفة الإيمان .
( المهيمن ) . . وهذا بدء صفحة أخرى في تصور صفة الله - سبحانه - إذ كانت الصفات السابقة : ( القدوس السلام المؤمن )صفات تتعلق مجردة بذات الله . فأما هذه فتتعلق بذات الله فاعلة في الكون والناس . توحي بالسلطان والرقابة .
وكذلك : ( العزيز . الجبار . المتكبر ) . . فهي صفات توحي بالقهر والغلبة والجبروت والاستعلاء . فلا عزيز إلا هو . ولا جبار إلا هو . ولا متكبر إلا هو . وما يشاركه أحد في صفاته هذه . وما يتصف بها سواه . فهو المتفرد بها بلا شريك .
وقوله{[28624]} { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ } أي : المالك لجميع الأشياء المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة .
وقوله : { الْقُدُّوسُ } قال وهب بن منبه : أي الطاهر . وقال مجاهد ، وقتادة : أي المبارك : وقال ابن جريج : تقدسه الملائكة الكرام .
{ السَّلامُ } أي : من جميع العيوب والنقائص ؛ بكماله{[28625]} في ذاته وصفاته وأفعاله .
وقوله : { الْمُؤْمِنُ } قال الضحاك ، عن ابن عباس : [ أي ] {[28626]} أمن خلقه من أن يظلمهم . وقال قتادة : أمَّن بقوله : إنه حق . وقال ابن زيد : صَدّق عبادَه المؤمنين في أيمانهم به .
وقوله : { الْمُهَيْمِنُ } قال ابن عباس وغير واحد : أي{[28627]} الشاهد على خلقه بأعمالهم ، بمعنى : هو رقيب عليهم ، كقوله : { وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [ البروج : 9 ] ، وقوله { ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ } [ يونس : 46 ] .
وقوله : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } الآية [ الرعد : 33 ] .
وقوله : { الْعَزِيزُ } أي : الذي قد عزّ كل شيء فقهره ، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه ؛ لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه ؛ ولهذا قال : { الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ } أي : الذي لا تليق الجَبْرّية إلا له ، ولا التكبر إلا لعظمته ، كما تقدم في الصحيح : " العَظَمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني واحدًا منهما عَذَّبته " .
وقال قتادة : { الجبار } : الذي جَبَر خلقه على ما يشاء .
وقال ابن جرير : { الجبار } : المصلحُ أمورَ خلقه ، المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم .
وقال قتادة : { المتكبر } : يعني عن كل سوء .
ثم قال : { سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } {[28628]} .
{ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس } البالغ في النزاهة عما يوجب نقصانا وقرىء بالفتح وهو لغة فيه ، { السلام }ذو السلامة من كل نقص وآفة مصدر وصف به للمبالغة ، { المؤمن }واهب الأمن وقرىء بالفتح بمعنى المؤمن به على حذف الجار ، { المهيمن }الرقيب الحافظ لكل شيء مفيعل من الأمن قلبت همزته هاء ، { العزيز الجبار } الذي جبر خلقه على ما أراده أو جبر حالهم بمعنى أصلحه ، { المتكبر } الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصانا ، { سبحان الله عما يشركون }إذ لا يشركه في شيء من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.