تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ} (2)

{ اللَّهُ الصَّمَدُ } أي : المقصود في جميع الحوائج . فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار ، يسألونه حوائجهم ، ويرغبون إليه في مهماتهم ؛ لأنه الكامل في أوصافه ، العليم الذي قد كمل في علمه ، الحليم الذي قد كمل في حلمه ، الرحيم الذي [ كمل في رحمته الذي ] وسعت رحمته كل شيء ، وهكذا سائر أوصافه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ} (2)

ومعنى أن الله أحد : أنه الصمد . وأنه لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . . ولكن القرآن يذكر هذه التفريعات لزيادة التقرير والإيضاح :

( الله الصمد ) . . ومعنى الصمد اللغوي : السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه . والله - سبحانه - هو السيد الذي لا سيد غيره ، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد . وهو المقصود وحده بالحاجات ، المجيب وحده لأصحاب الحاجات . وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه ، ولا يقضي أحد معه . . وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ} (2)

وقوله : { اللَّهُ الصَّمَدُ } قال عكرمة ، عن ابن عباس : يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته{[30789]} ، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد ، وهو الله سبحانه ، هذه صفته لا تنبغي إلا له ، ليس له كفء ، وليس كمثله شيء ، سبحان الله الواحد القهار .

وقال الأعمش ، عن شقيق {[30790]} عن أبي وائل : { الصَّمَدُ } السيد الذي قد انتهى سؤدده ، ورواه عاصم ، بن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، مثله .

وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : { الصَّمَدُ } : السيد . وقال الحسن ، وقتادة : هو الباقي بعد خلقه . وقال الحسن أيضا : { الصَّمَدُ } الحي القيوم الذي لا زوال له . وقال عكرمة : { الصَّمَدُ } الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم .

وقال الربيع بن أنس : هو الذي لم يلد ولم يولد . كأنه جعل ما بعده تفسيرًا له ، وهو قوله : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } وهو تفسير جيد . وقد تقدم الحديث من رواية ابن جرير ، عن أبي بن كعب في ذلك ، وهو صريح فيه .

وقال ابن مسعود ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعبد الله بن بُريدة ، وعكرمة أيضا ، وسعيد بن جبير ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطية العوفي ، والضحاك ، والسدي : { الصَّمَدُ } الذي لا جوف له .

قال سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { الصَّمَدُ } المصمت الذي لا جوف له .

وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل الطعام ، ولا يشرب الشراب .

وقال عبد الله بن بُرَيدة {[30791]} أيضًا : { الصَّمَدُ } نور يتلألأ .

روى ذلك كلَّه وحكاه ابن أبي حاتم ، والبيهقي ، والطبراني ، وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك بأسانيده ، وقال :

حدثني العباس بن أبي طالب ، حدثنا محمد بن عمرو بن رومي ، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش ، حدثني صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : -لا أعلم إلا قد رفعه- ، قال : { الصَّمَدُ } الذي لا جوف له .

وهذا غريب جدًا ، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة .

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له ، بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في تفسير " الصمد " : وكل هذه صحيحة ، وهي صفات ربنا ، عز وجل ، وهو الذي يُصمَد إليه في الحوائج ، وهو الذي قد انتهى سؤدده ، وهو الصمد الذي لا جوف له ، ولا يأكل ولا يشرب ، وهو الباقي بعد خلقه . وقال البيهقي نحو ذلك [ أيضا ]{[30792]} . {[30793]}


[30789]:في م: "في حكمه".
[30790]:في أ: "سفيان".
[30791]:في أ: "يزيد".
[30792]:زيادة من م، أ.
[30793]:وقد أطنب شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان معنى الصمد في الفتاوى (17/214).