57- ومن فضلنا عليكم أننا جعلنا السحاب لكم كالظلّة ليصونكم من الحر الشديد ، وأنزلنا عليكم المنَّ ، وهو مادة حلوة لزجة كالعسل تسقط على الشجر من طلوع الشمس ، كما أنزلنا عليكم السلوى وهو الطائر المعروف بالسمان ، فهو يأتيكم بأسرابه بكرة وعشيا لتأكلوا وتتمتعوا ، وقلنا لكم : كلوا من طيبات رزقنا . فكفرتم بالنعمة ، ولم يكن ذلك بضائرنا ، ولكنكم تظلمون أنفسكم لأن ضرر العصيان واقع عليكم{[2]} .
ثم ذكر نعمته عليكم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق ، فقال : { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ } وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب ، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك .
{ وَالسَّلْوَى } طائر صغير يقال له السماني ، طيب اللحم ، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين ، فلم يشكروا هذه النعمة ، واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب .
{ وَمَا ظَلَمُونَا } يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين ، كما لا تنفعه طاعات الطائعين ، { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فيعود ضرره عليهم .
ويذكرهم برعايته لهم في الصحراء الجرداء حيث يسر لهم طعاما شهيا لا يجهدون فيه ولا يكدون ، ووقاهم هجير الصحراء وحر الشمس المحرق بتدبيره اللطيف :
( وظللنا عليكم الغمام ، وأنزلنا عليكم المن والسلوى . كلوا من طيبات ما رزقناكم . وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) . .
وتذكر الراويات أن الله ساق لهم الغمام يظللهم من الهاجرة . والصحراء بغير مطر ولا سحب ، جحيم يفور بالنار ، ويقذف بالشواظ . وهي بالمطر والسحاب رخية ندية تصح فيها الأجسام والأرواح . . وتذكر الروايات كذلك أن الله سخر لهم ( المن ) يجدونه على الأشجار حلوا كالعسل ، وسخر لهم ( السلوى ) وهو طائر السماني يجدونه بوفرة قريب المنال . وبهذا توافر لهم الطعام الجيد ، والمقام المريح ، وأحلت لهم هذه الطيبات . . ولكن أتراهم شكروا واهتدوا . . إن التعقيب الأخير في الآية يوحي بأنهم ظلموا وجحدوا . وإن كانت عاقبة ذلك عليهم ، فما ظلموا إلا أنفسهم !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.