المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (39)

39- وحذِّر - أيها الرسول - هؤلاء الظالمين يوماً يتحسرون فيه علي تفريطهم في حق الله وحق أنفسهم - وقد فرغوا من حسابهم ، ونالوا جزاءهم - وقد كانوا في الدنيا غافلين عن ذلك اليوم ، لا يصدقون بالبعث ولا بالجزاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (39)

{ 39 - 40 ْ } { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ْ }

الإنذار هو : الإعلام بالمخوف على وجه الترهيب ، والإخبار بصفاته ، وأحق ما ينذر به ويخوف به العباد ، يوم الحسرة حين يقضى الأمر ، فيجمع الأولون والآخرون في موقف واحد ، ويسألون عن أعمالهم ، . فمن آمن بالله ، واتبع رسله ، سعد سعادة لا يشقى بعدها ، . ومن لم يؤمن بالله ويتبع رسله شقي شقاوة لا سعادة{[504]} بعدها ، وخسر نفسه وأهله ، . فحينئذ يتحسر ، ويندم ندامة تتقطع منها القلوب ، وتنصدع منها الأفئدة ، وأي : حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته ، واستحقاق سخطه والنار ، على وجه لا يتمكن من الرجوع ، ليستأنف العمل ، ولا سبيل له إلى تغيير حاله بالعود إلى الدنيا ؟ !


[504]:- في ب: لا يسعد.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (39)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وأنذر يا محمد هؤلاء المشركين بالله يوم حسرتهم وندمهم ، على ما فرّطوا في جنب الله ، وأورثت مساكنهم من الجنة أهل الإيمان بالله والطاعة له ، وأدخلوهم مساكن أهل الإيمان بالله من النار ، وأيقن الفريقان بالخلود الدائم ، والحياة التي لا موت بعدها ، فيا لها حسرةً وندامة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهديّ ، قال : حدثنا سفيان ، عن سَلَمة بن كُهَيل ، قال : حدثنا أبو الزعراء ، عن عبد الله في قصة ذكرها ، قال : ما من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة ، وبيت في النار ، وهو يوم الحسرة ، فيرى أهل النار البيت الذي كان قد أعدّه الله لهم لو آمنوا ، فيقال لهم : لو آمنتم وعملتم صالحا كان لكم هذا الذي ترونه في الجنة ، فتأخذهم الحسرة ، ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار ، فيقال : لولا أن مَنّ الله عليكم .

حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يُجاءُ بالمَوْتِ يَوْمَ القِيامَةِ فَيُوقَفُ بينَ الجَنّةِ والنّارِ كأنّه كَبْشٌ أمْلَحُ » قال : «فَيُقالُ : يا أهْلَ الجَنّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَشْرِئِبّونَ وَيَنْظُرُونَ ، فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، هَذَا المَوْتُ ، فَيُقالُ : يا أهْلَ النّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَشْرَئبّونَ وَيَنْظُرُونَ ، فَيَقُولُونَ : نَعَمْ هَذَا المَوْتُ ، ثُمّ يُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ » قال : «فَيَقُولُ : يا أهْلَ الجَنّةِ خُلُودٌ فَلا مَوْت ، وَيا أهْلَ النّارِ خُلُودٌ فَلا مَوْت » قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنْذِرْهِمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وأشار بيده في الدنيا .

حدثني عبيد بن أسباط بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذه الاَية وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ قال : «يُنادَى : يا أهْلَ الجَنّةِ ، فَيَشْرَئِبّونَ ، فَيَنْظُرونَ ، ثُمّ يُنادَى : يا أهْلَ النّارِ فَيَشْرَئِبّونَ فَيَنْظُرونَ ، فَيُقالُ : هَلْ تَعْرِفُونَ المَوْتَ ؟ قال : فَيَقُولُونَ : لا ، قال : فَيُجاءُ بالمَوْتِ في صُورَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ ، فيُقال : هَذَا المَوْتُ ، ثُمّ يُؤْخَذُ فَيُذْبَحُ ، قالَ : ثُمّ يُنادِي يا أهْلَ النّار خُلُودٌ فَلا مَوْتَ ، وَيا أهْلَ الجَنّةِ خُلُودٌ فَلا مَوْت » ، قال : ثم قرأ وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ الأمْرُ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، في قوله : وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ قال : يصوّر الله الموت في صورة كبش أملح ، فيذبح ، قال : فييأس أهل النار من الموت ، فلا يرجونه ، فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار ، وفيها أيضا الفزع الأكبر ، ويأمن أهل الجنة الموت ، فلا يخشونه ، وأمنوا الموت ، وهو الفزع الأكبر ، لأنهم يخلدون في الجنة ، قال ابن جريج : يحشر أهل النار حين يذبح الموت والفريقان ينظرون ، فذلك قوله : إذْ قُضِيَ الأمْرُ قال : ذبح الموت وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن أبيه أنه أخبره أنه سمع عبيد بن عمير في قصصه يقول : يؤتَى بالموت كأنه دابة ، فيذبح والناس ينظرون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ قال : يوم القيامة ، وقرأ أنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ من أسماء يوم القيامة ، عظّمه الله ، وحذّره عبادَه .

وقوله : إذْ قُضِيَ الأمْرُ يقول : إذ فُرِغ من الحكم لأهل النار بالخلود فيها ، ولأهل الجنة بمقام الأبد فيها ، بذبح الموت . وقوله : وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ يقول : وهؤلاء المشركون في غفلة عما الله فاعل بهم يوم يأتونه خارجين إليه من قبورهم ، من تخليده إياهم في جهنم ، وتوريثه مساكنهم من الجنة غيرهم وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ يقول تعالى ذكره : وهم لا يصدّقون بالقيامة والبعث ، ومجازاة الله إياهم على سيىء أعمالهم ، بما أخبر أنه مجازيهم به .