فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (39)

{ وأنذرهم } أي خوّف يا محمد كفار مكة { يوم الحسرة } أي يوم يتحسرون جميعا ، فالمسيء يتحسر على إسائته ، والمحسن على عدم استكثاره من الخير .

وعن ابن عباس قال : يوم الحسرة هو من أسماء يوم القيامة ، وقرأ { أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله } ، وفي سنده علي ابن أبي طلحة وهو ضعيف ، والآية التي استدل بها ابن عباس لا تدل على المطلوب لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام .

{ إذا قضي الأمر } من الحساب وطويت الصحف وصار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار { وهم في غفلة } أي غافلين عما يعمل بهم وتلك الحال متضمنة للتعليل ، أي أنذرهم لأنهم في حالة يحتاجون فيها إلى الإنذار ، وهي الغفلة والكفر .

{ وهم لا يؤمنون } به ، أخرج البخاري ومسلم وغيرهم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون ، وينظرون إليه ، فيقولون : نعم هذا الموت ، وكلهم قد رآه ، ثم ينادي يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون إليه فيقولون نعم هذا الموت ، وكلهم قد رآه فيؤمن به فيذبح ، ويقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ؛ ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وأنذرهم يوم الحسرة } الآية وأشار بيده فقال أهل الدنيا في غفلة{[1161]} . وأخرج النسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أبي هريرة مرفوعا نحوه .


[1161]:مسلم 2849- البخاري1024.