المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

بدئت هذه السورة بتنزيه من خلق الأشياء فجعلها سواء في الإتقان ، قدر لكل شيء ما يصلحه ، فهداه إليه ، وأنبت المرعى فجعله غثاء أحوى ، ثم أخبرت الآيات أن الله سيقرئ رسوله القرآن ، فيحفظه ولا ينسى منه شيئا إلا ما شاء الله ، ويسره لليسرى ، ثم أمرت الرسول إن يذكر بالقرآن ليذكر من يخشى ، ويتجنب الذكرى الأشقى الذي يصلى النار الكبرى . وأكدت الآيات أن الفلاح لمن تزكى وذكر اسم ربه فصلى . وختمت السورة ببيان أن ما جاء فيها ثابت في الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى .

1- نزِّه اسم ربك الأعظم عما لا يليق به .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة سبح وهي مكية

{ 1 - 19 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى * سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى *بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى }

يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته ، والخضوع لجلاله ، والاستكانة لعظمته ، وأن يكون تسبيحا ، يليق بعظمة الله تعالى ، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم{[1406]} الجليل .


[1406]:- في ب: بمعناها العظيم الجليل.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الأعلى

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الأعلى " تسمى –أيضا- بسورة : " سبح اسم ربك الأعلى " ، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ –عندما بلغه أنه يطيل الصلاة وهو يصلي بجماعة : " أفتان أنت يا معاذ ؟ هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى . والشمس وضحاها . والليل إذا يغشى " . .

2- وسورة " الأعلى " من السور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب قراءتها ، لاشتمالها على تنزيه الله –تعالى- ، وعلى الكثير من نعمه ومننه ، فقد أخرج الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة .

وعن النعمان بن بشير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين : [ سبح اسم ربك الأعلى ] و[ قل يا أيها الكافرون ] و[ قل هو الله أحد ]( {[1]} ) .

3- وعدد آياتها تسع عشرة آية . وهي من السور المكية الخالصة . قال الآلوسي : والجمهور على أنها مكية ، وعن بعضهم أنها مدنية .

والدليل على كونها مكية ، ما أخرجه البخاري عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئاننا القرآن ، ثم جاء عمار بن ياسر ، وسعد بن أبي وقاص ، وبلال ، ثم جاء عمر بن الخطب في عشرين ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به ، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء ، فما جاء حتى قرأت [ سبح اسم ربك الأعلى ] في سور مثلها . . ( {[2]} ) .

ومما يدل –أيضا- على أن هذه السورة مكية ، بل من أوائل السور المكية ، ما ذكره الإمام السيوطي ، من أن هذه السورة كان ترتيبها في النزول الثامنة من بين السور المكية ، فقد كان نزولها بعد سورة " التكوير " وقبل سورة " الليل " ، بل هناك رواية عن ابن عباس أنها السورة السابعة ، إذ لم يسبقها سوى سورة : العلق ، والمدثر ، والمزمل ، والقلم ، والمسد ، والتكوير . . ( {[3]} ) .

والسورة الكريمة من أهم مقاصدها : إقامة الأدلة على وحدانية الله –تعالى- وعلى أنه –تعالى- منزه عن كل نقص ، وإبراز جانب عظيم من نعمه التي لا تحصى ، وامتنانه على نبيه صلى الله عليه وسلم بالشريعة السمحة ، وبالقرآن الكريم .

افتتحت السورة الكريمة ، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالمداومة على تنزيه الله - تعالى - عن كل نقص ، ويدخل فى هذا الأمر ، كل من يصلح للخطاب . والاسم لمراد به الجنس ، فيشمل جميع أسمائه - تعالى - .

أى : نزه - أيها الرسول الكريم - أسماء ربك الأعلى عن كل ما لا يليق بها ، فلا تطلقها على غيره - تعالى - إذا كان خاصة به ، كلفظ الجلالة ، وكلفظ الرحمن ، ولا تذكرها فى موضع لا يتناسب مع جلالها وعظمتها ، ولا تحرفها عن المعانى التى وضعت لها كما يفعل الزائغون . فقد قال - تعالى - : { وَللَّهِ الأسمآء الحسنى فادعوه بِهَا وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ونزه ربك الأعلى ، عن الشريك ، وعن الوالد ، وعن الولد ، وعن الشبيه . . وعن كل ما لا يليق به .

قال الجمل : أى : نزه ربك عن كل ما لا يليق به ، فى ذاته ، وصفاته ، وأسمائه ، وأفعاله ، وأحكامه . أما فى ذاته : فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض . وأما فى صفاته : فإن تعتقد أنها لسيت محدثة ولا متناهية ولا ناقصة . وأما فى أفعاله : فأن تعتقد أنه - سبحانه - مطلق لا اعتراض لأحد عليه فى أمر من الأمور . وأما فى أسمائه : فأن لا تذكره - سبحانه - إلا بالأسماء التى لا توهم نقصا بوجه من الوجوه . . وأما فى أحكامه : فإن تعلم أنه ما كلفنا لنفع يعود عليه ، بل لمحض المالكية . .

أخرج الإِمام أحمد عن عامر بن عقبة الجهنى قال : " لما نزلت : { فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم } قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعلوها فى ركوعكم " فلما نزلت : { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى } قال : " اجعلوها فى سجودكم " " .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
[2]:- سورة الإسراء. الآية 9.
[3]:- سورة المائدة: الآيتان 15، 16.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأعلى وهي مكية في قول الجمهور وحكى النقاش عن الضحاك أنها مدنية وذلك ضعيف وإنما دعا إليه قول من قال : إن ذكر صلاة العيد فيها . {[1]}

{ سبح } في هذه الآية ، بمعنى نزه وقدس وقل سبحانه عن النقائص والغير {[11744]}جمعاً وما يقول المشركون ، والاسم الذي هو : ألف ، سين ، ميم ، يأتي في مواضع من الكلام الفصيح يراد به المسمى ، ويأتي في مواضع يراد به التسمية نحو قوله عليه السلام : «إن لله تسعة وتسعين اسماً »{[11745]} وغير ذلك ، ومعنى أريد به المسمى فإنما هو صلة كالزائد كأنه قال في هذه الآية : سبح ربك ، أي نزهه ، وإذا كان الاسم واحداً من الأسماء كزيد وعمرو ، فيجيء في الكلام على ما قلت ، تقول زيد قائد تريد المسمى ، وتقول : زيد ثلاثة أحرف تريد به التسمية ، وهذه الآية تحتمل هذا الوجه الأول ، وتحتمل أن يراد بالاسم التسمية نفسها على معنى نزاه اسم ربك عن أن يسمى به صنم أو وثن ، فيقال له إله ورب ونحو ذلك ، و { الأعلى } يصح أن يكون صفة للاسم ، ويحتمل أن يكون صفة للرب ، وذكر الطبري أن ابن عمر وعلياً قرآ هذه السورة : «سبحان ربي الأعلى » قال وهي في مصحف أبيّ بن كعب كذلك ، وهي قراءة أبي موسى الأشعري وابن الزبير ومالك بن أبي دينار ، وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال : «سبحان ربي الأعلى {[11746]} » ، وكان ابن مسعود وابن عامر وابن الزبير يفعلون ذلك ، ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجعلوها في سجودكم »{[11747]} ، وقال قوم : معنى { سبح اسم ربك } نزه اسم ربك تعالى عن أن تذكره إلا وانت خاشع ، وقال ابن عباس معنى الآية : صلّ باسم ربك الأعلى كما تقول ابدأ باسم الله ، وحذف حرف الجر


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11744]:هي أحوال الدهر وأحداثه المتغيرة، قيل: مفرده، غيرة: وقيل بل هو مفرد، وجمعه أغيار.
[11745]:أخرجه البخاري في التوحيد والشروط والدعوات، ومسلم في الذكر، والترمذي في الدعوات وابن ماجه في الدعاء، ولفظه كما في صحيح البخاري: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة)، أحصاها: حفظها.
[11746]:أخرجه أحمد، وأبو داود والبيهقي في سننه، وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرج مثله عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير. (الدر المنثور).
[11747]:أخرجه أحمد وأبو داود، وابن ماجه، وابن المنذر، وابن مردويه، عن عقبة بن عامر الجهني، ولفظه كما ذكره السيوطي في الدر المنثور: قال: لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال: اجعلوها في سجودكم.