أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ( 214 ) .
يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم ، فهي سنته الجارية ، التي لا تتغير ولا تتبدل ، أن من قام بدينه وشرعه ، لا بد أن يبتليه ، فإن صبر على أمر الله ، ولم يبال بالمكاره الواقفة في سبيله ، فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها ، ومن السيادة آلتها .
ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله ، بأن صدته المكاره عما هو بصدده ، وثنته المحن عن مقصده ، فهو الكاذب في دعوى الإيمان ، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني ، ومجرد الدعاوى ، حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه .
فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم ( مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ ) أي : الفقر ( وَالضَّرَّاءُ ) أي : الأمراض في أبدانهم ( وَزُلْزِلُوا ) بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل ، والنفي ، وأخذ الأموال ، وقتل الأحبة ، وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال ، وآل بهم الزلزال ، إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به .
ولكن لشدة الأمر وضيقه قال ( الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) .
فلما كان الفرج عند الشدة ، وكلما ضاق الأمر اتسع ، قال تعالى : ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) فهكذا كل من قام بالحق فإنه يمتحن .
فكلما اشتدت عليه وصعبت ، إذا صابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة ، والمشقات راحات ، وأعقبه ذلك ، الانتصار على الأعداء وشفاء ما في قلبه من الداء ، وهذه الآية نظير قوله تعالى : أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ .
وقوله [ تعالى : ] الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ فعند الامتحان ، يكرم المرء أو يهان .
وبعد أن ذكر - سبحانه - حال الناس ، واختلاف سفهائهم على أنبيائهم ، واهتداء عقلائهم إلى الحق ، عقب ذلك بدعوة المؤمنين إلى الاقتداء بمن سبقهم في الصبر والثبات . فقال - تعالى - :
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة . . . }
قال القرطبي : قال قتادة والسدي وأكثر المفسرين : نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والحر والبرد وسوء العيش وأنواع الشدائد ، وكانوا كما قال - تعالى - : { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر } وقيل نزلت في حرب أحد ، ونظيرها - في آل عمران { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ . . } وقالت فرقة : نزلت الآية تسلية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين ، وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله ، وأسر قوم من الأغنياء النفاق فأنزل اله ذلك تطيبا لقلوبهم .
وما ذكره المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة لا يمنع عمومها ، وأنها تدعو المؤمنين في كل زمان ومكان إلى التذرع بالصبر والثبات تأسيا بمن سبقهم من المتقين حتى يفوزوا برضوان الله - تعالى - ونصره .
و { أَمْ } هنا يرى بعضهم أنها للاستفهام الإِنكاري ، ويرى بعض آخر أنها أم المتصلة ، ويرى فريق ثالث أنها أم المنقطعة .
قال الجمل : وحسب هنا من أخوات ظن تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، وأن وما بعدها سادة مسد المفعولين عند سيبويه ، ومسد الأول عند الأخفش والثاني محذوف ، ومضارعها فيه وجهان : الفتح وهو القياس والكسر .
و { وَلَمَّا } تدل على النفي مع توقع حصول المنفي بها ، كما في قول النابغة :
أزف الترحل غير أن ركابنا . . . لما تزل برحالنا وكن قد
فنفى بلما ثم قال : وكأن قد ، أي وكأنه قد زالت .
و { البأسآء } ما يصيب الناس في الأموال كالفقر . والضراء : ما يصيبهم في الأنفس كالمرض مشتقان من البؤس والضر .
و { وَزُلْزِلُواْ } من الزلزلة وهي شدة التحريك وتكون في الأشخاص وفي الأحوال . فيقال :
زلزلت الأرض ، أي تحركت واضطربت ، ومعنى زلزلوا : خوفوا وأزعجوا واضطربوا .
والمعنى على أن { أَمْ } للاستفهام الإِنكاري : أظننتم أيها المؤمنون أنكم تدخلون الجنة بمجرد الإِيمان دون أن يصيبكم ما أصاب الذين سبقوكم من شداد في الأنفس والأموال ، ومن مخاوف أزعجتهم وأفزعتهم حتى بلغ الأمر برسولهم وبالمؤمنين معه أن يقولوا وهم في أقصى ما تحتمله النفوس البشرية من آلام : متى نصر الله ؟ ! !
لا - أيها المؤمنون - إني أنهاكم أن تظنوا هذا الظن ، وآمركم أن تتيقنوا من أن الظفر بدخول الجنة يستلزم منكم التأسي بمن سبقكم من المتقين في الصبر والثبات .
والمعنى على أن { أَمْ } هنا هي المتصلة - أي المشعرة بمحذوف دل عليه الكلام - : قد خلت من قبلكم أمم أوتوا الكتاب واهتدوا إلى الحق فآذاهم الناس أذى شديدا فصبروا على ذلك أفتصبرون مثلهم على المكاره وتثبتون ثباتهم على الشدائد ؟ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة دون أن يصيبكم ما أصابهم ؟
والمعنى على أن { أَمْ } هنا منقطعة - أي تدل على الإِضراب والاستفهام معا - : لقد أوذيتم أيها المؤمنون في سبيل دينكم أذى عظيماً ، فعليكم أن تصبروا وأن تثبتوا كما فعل الذين من قلبكم ، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة دون ابتلاء وصبر .
. أي : بل أحسبتم . . إن كان هذا هو حسبانكم فهو حسبان باطل لا ينبغي لكم .
وقوله - تعالى - { مَّسَّتْهُمُ البأسآء . . } استئناف وقع جواباً عما ينساق إليه الذهن ، كأنه قيل : كيف مثل أولئك الذين خلوا ومضوا ؟ فكان الجواب مستهم البأساء . . . الخ .
ومستهم أي : حلت بهم . وعبر بمستهم للإِشعار بأن تلك الشدائد قد أصابتهم بالآلام التي اتصلت بحواسهم وأجسادهم ولكنها لم تضعف إيمانهم إذ حقيقية المس اتصال الجسم بجسم آخر .
قال صاحب الكشاف : وقوله : { وَزُلْزِلُواْ } أي : أزعجوا إزعاجاً شديداً شبيها بالزلزلة بما أصابهم من الأهوال والأفزاع " حتى يقول الرسول " أي : إلى الغاية اليت قال الرسول ومن معه فيها { متى نَصْرُ الله } أي بلغ بهم الضجر ولم يبق لهم صبر حتى قالوا ذلك . ومعناه طلب النصر وتمنيه ، واستطالة زمان الشدة . وفي هذه الغاية دليل على تناهي الأمر في الشدة وتماديه في العظم ؛ لأن الرسل لا يقادر قدر ثباتهم واصطبارهم وضبطهم لأنفسهم ، فإذا لم يبق لهم صبر حتى ضجوا كان ذلك الغاية في الشدة التي لا مطمع وراءها " .
والمراد بالرسول - كما يقول الآلوسي - الجنس لا واحد بعينه . وقيل : شعياء ، وقيل : أشعياء ، وقيل اليسع . وعلى التعيين يكون المراد من الذين خلوا قوماً بأعيانهم وهم أتباع هؤلاء الرسل " .
وقوله - تعالى - : { ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ } استئناف على تقدير القول . أي فقيل لهم حينما التمسوا من الله النصر بعد تلك الشدائد والأهوال التي نزلت بهم : ألا إن نصر الله قريب تطيباً لأنفسهم ، وبعثا للآمال في قلوبهم .
وفي هذه الجملة الكريمة ألوان من المؤكدات والمبشرات بالنصر القريب ، ويشهد لذلك التعبير بالجملة الاسمية بدل الفعلية فلم يقل - مثلا - ستنصرون والتعبير بالجملة الاسمية يدل على التوكيد . ويشهد لذلك أيضا تصدير الجملة بأداة الاستفتاح الدالة على تحقيق مضمونها وتقريره ، ووقوع إن المؤكدة بعد أداة الاستفتاح ، وإضافة النصر إلأى الله القادر على كل شيء والذي وعد عباده المؤمنين بالنصر فقال ، إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الإشهاد " .
هذا ، والمتأمل في الآية الكريمة يراها قد بينت للمؤمنين أن طريق الجنة محفوف بالمكاره ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " وأنهم لكي يصلوا إلى الجنة عليهم أن يتأسوا بالسابقين في جهادهم وصبرهم على الأذى ، فقد اقتضت سنة الله أن يجعل هذه الحياة نزالا موصولا بين الأخيار والأشرار ، ونزاعا مستمرا بين الأطهار والفجار ، وكثيرا ما يضيق البغاة على المؤمنين ، وينزلون بهم ما ينزلون من صفوف الاضطهاد إلا أن الله - تعالى - قد تكفل بأن يجعل العاقبة للمتقين .
ولقد حكى لنا التاريخ أن المؤمنين السابقين قد صبروا أجمل الصبر وأسماه في سبيل إعلاء كلمة الله .
روى البخاري عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال : " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال : قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه . والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلى الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون " .
وبذلك نرى أن السورة الكريمة من قوله - تعالى - { وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحياة الدنيا } إلى هنا ، قد بينت لنا أقسام الناس في هذه الحياة ، ودعت المؤمنين إلى أن يتمسكوا بجميع تعاليم الإِسلام ، وأن يزهدوا في زينة الحياة التي شغلت المشركين عن كل شيء سواها ، وأن يشكروا الله على هدايته إياهم إلى الحق الذي اختلف غيرهم فيه ، وأن يوطنوا أنفسهم على تحمل الآلام لكي يحقق الله لهم الآمال .
وتنتهي هذه التوجيهات التي تستهدف إنشاء تصور إيماني كامل ناصع في قلوب الجماعة المسلمة . . تنتهي بالتوجه إلى المؤمنين الذين كانوا يعانون في واقعهم مشقة الاختلاف بينهم وبين أعدائهم من المشركين وأهل الكتاب ، وما كان يجره هذا الخلاف من حروب ومتاعب وويلات . . يتوجه إليهم بأن هذه هي سنة الله القديمة ، في تمحيص المؤمنين وإعدادهم ليدخلوا الجنة ، وليكونوا لها أهلا : أن يدافع أصحاب العقيدة عن عقيدتهم ؛ وأن يلقوا في سبيلها العنت والألم والشدة والضر ؛ وأن يتراوحوا بين النصر والهزيمة ؛ حتى إذا ثبتوا على عقيدتهم ، لم تزعزعهم شدة ، ولم ترهبهم قوة ، ولم يهنوا تحت مطارق المحنة والفتنة . . استحقوا نصر الله ، لأنهم يومئذ أمناء على دين الله ، مأمونون على ما ائتمنوا عليه ، صالحون لصيانته والذود عنه . واستحقوا الجنة لأن أرواحهم قد تحررت من الخوف وتحررت من الذل ، وتحررت من الحرص على الحياة أو على الدعة والرخاء . فهي عندئذ أقرب ما تكون إلى عالم الجنة ، وارفع ما تكون عن عالم الطين :
( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ، ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه : متى نصر الله ؟ ألا إن نصر الله قريب ) . .
هكذا خاطب الله الجماعة المسلمة الأولى ، وهكذا وجهها إلى تجارب الجماعات المؤمنة قبلها ، وإلى سنته - سبحانه - في تربية عباده المختارين ، الذين يكل إليهم رايته ، وينوط بهم أمانته في الأرض ومنهجه وشريعته . وهو خطاب مطرد لكل من يختار لهذا الدور العظيم . .
وإنها لتجربة عميقة جليلة مرهوبة . . إن هذا السؤال من الرسول والذين آمنوا معه . من الرسول الموصول بالله ، والمؤمنين الذين آمنوا بالله . إن سؤالهم : ( متى نصر الله ؟ )ليصور مدى المحنة التي تزلزل مثل هذه القلوب الموصولة . ولن تكون إلا محنة فوق الوصف ، تلقي ظلالها على مثل هاتيك القلوب ، فتبعث منها ذلك السؤال المكروب : ( متى نصر الله ؟ )
وعندما تثبت القلوب على مثل هذه المحنة المزلزلة . . عندئذ تتم كلمة الله ، ويجيء النصر من الله :
إنه مدخر لمن يستحقونه . ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية . الذين يثبتون على البأساء والضراء . الذين يصمدون للزلزلة . الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة . الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر الله ، وعندما يشاء الله . وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها ، فهم يتطلعون فحسب إلى ( نصر الله ) ، لا إلى أي حل آخر ، ولا إلى أي نصر لا يجيء من عند الله . ولا نصر إلا من عند الله .
بهذا يدخل المؤمنون الجنة ، مستحقين لها ، جديرين بها ، بعد الجهاد والامتحان ، والصبر والثبات ، والتجرد لله وحده ، والشعور به وحده ، وإغفال كل ما سواه وكل من سواه .
إن الصراع والصبر عليه يهب النفوس قوة ، ويرفعها على ذواتها ، ويطهرها في بوتقة الألم ، فيصفو عنصرها ويضيء ، ويهب العقيدة عمقا وقوة وحيوية ، فتتلألأ حتى في أعين أعدائها وخصومها . وعندئذ يدخلون في دين الله أفواجا كما وقع ، وكما يقع في كل قضية حق ، يلقي أصحابها ما يلقون في أول الطريق ، حتى إذا ثبتوا للمحنة انحاز إليهم من كانوا يحاربونهم وناصرهم أشد المناوئين وأكبر المعاندين . .
على أنه - حتى إذا لم يقع هذا - يقع ما هو أعظم منه في حقيقته . يقع أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض وشرورها وفتنتها ، وأن تنطلق من إسار الحرص على الدعة والراحة ، والحرص على الحياة نفسها في النهاية . . وهذا الانطلاق كسب للبشرية كلها ، وكسب للأرواح التي تصل إليه عن طريق الاستعلاء . كسب يرجح جميع الآلام وجميع البأساء والضراء التي يعانيها المؤمنون ، والمؤتمنون على راية الله وأمانته ودينه وشريعته .
وهذا الانطلاق هو المؤهل لحياة الجنة في نهاية المطاف . . وهذا هو الطريق . .
هذا هو الطريق كما يصفه الله للجماعة المسلمة الأولى ، وللجماعة المسلمة في كل جيل .
هذا هو الطريق : إيمان وجهاد . . ومحنة وابتلاء . وصبر وثبات . . وتوجه إلى الله وحده . ثم يجيء النصر . ثم يجيء النعيم . .
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ وَلَمّا يَأْتِكُم مّثَلُ الّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مّسّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضّرّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتّىَ يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىَ نَصْرُ اللّهِ أَلآ إِنّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }
وأما قوله : أمْ حَسِبْتُمْ كأنه استفهم ب«أم » في ابتداء لم يتقدمه حرف استفهام لمسبوق كلام هو به متصل ، ولو لم يكن قبله كلام يكون به متصلاً ، وكان ابتداء لم يكن إلا بحرف من حروف الاستفهام ، لأن قائلاً لو كان قال مبتدئا كلاما لاَخر : أم عندك أخوك ؟ لكان قائلاً ما لا معنى له ولكن لو قال : أنت رجل مدلّ بقوتك أم عندك أخوك ينصرك ؟ كان مصيبا . وقد بينا بعض هذا المعنى فيما مضى من كتابنا هذا بما فيه الكفاية عن إعادته .
فمعنى الكلام : أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة ، ولم يصبكم مثل ما أصاب من قبلكم من أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار ، فتبتلوا بما ابتلوا واختبروا به من البأساء وهو شدّة الحاجة والفاقة والضرّاء ، وهي العلل والأوصاب ولم تزلزلوا زلزالهم ، يعني : ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف والرعب شدة وجهد حتى يستبطىء القوم نصر الله إياهم ، فيقولون : متى الله ناصرنا . ثم أخبرهم الله أن نصره منهم قريب ، وأنه معليهم على عدوّهم ، ومظهرهم عليه ، فنجز لهم ما وعدهم ، وأعلى كلمتهم ، وأطفأ نار حرب الذين كفروا .
وهذه الآية فيما يزعم أهل التأويل نزلت يوم الخندق ، حين لقي المؤمنون ما لقوا من شدة الجهد ، من خوف الأحزاب ، وشدة أذى البرد ، وضيق العيش الذي كانوا فيه يومئذٍ ، يقول الله جل وعز للمؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نَعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا وَجُنُودا لَمْ تَرَوْها » إلى قوله : وَإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وَتظُنّونَ باللّهِ الظّنُونا هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَلاً شَدِيدا . ذكر من قال نزلت هذه الآية يوم الأحزاب :
حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنةَ وَلمّا يَأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَستّهُمُ البَأساءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا قال : نزل هذا يوم الأحزاب حين قال قائلهم : ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ إلاّ غُرُورا .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله وَلمّا يأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ، مَسّتْهُمُ البَأساءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا قال : نزلت في يوم الأحزاب ، أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بلاء وحصر ، فكانوا كما قال الله جل وعز : وَبَلغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ .
وأما قوله : وَلمّا يَأتِكُمْ فإن عامة أهل العربية يتأوّلونه بمعنى : ولم يأتكم ، ويزعمون أن ما صلة وحشو ، وقد بينت القول في «ما » التي يسميها أهل العربية صلة «ما » ، حكمها في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته .
وأما معنى قوله : مَثَلُ الّذِين خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ فإنه يعني : شبه الذين خلوا فمضوا قبلكم . وقد دللت في غير هذا الموضع على أن المثل الشبه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنّةَ وَلَمّا يَأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسّتهُمْ البْأسَاءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن عبد الملك بن جريج ، قال قوله : حتّى يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذِين آمَنُوا قال : هو خيرهم وأعلمهم بالله .
وفي قوله : حتى يَقُولَ الرّسُولُ وجهان من القراءة : الرفع ، والنصب . ومن رفع فإنه يقول : لما كان يحسن في موضعه «فعل » أبطل عمل «حتى » فيها ، لأن «حتى » غير عاملة في «فَعَلَ » ، وإنما تعمل في «يفعل » ، وإذا تقدمها «فعل » وكان الذي بعدها «يفعل » ، وهو مما قد فعل وفرغ منه ، وكان ما قبلها من الفعل غير متطاول ، فالفصيح من كلام العرب حينئذٍ الرفع في «يفعل » وإبطال عمل «حتى » عنه ، وذلك نحو قول القائل : قمت إلى فلان حتى أضربه ، والرفع هو الكلام الصحيح في «أضربه » ، إذا أراد : قمت إليه حتى ضربته ، إذا كان الضرب قد كان وفُرغ منه ، وكان القيام غير متطاول المدة . فأما إذا كان ما قبل «حتى » من الفعل على لفظ «فعل » متطاول المدة ، وما بعدها من الفعل على لفظ غير منقض ، فالصحيح من الكلام نصب «يفعل » وإعمال «حتى » ، وذلك نحو قول القائل : ما زال فلان يطلبك حتى يكلمك ، وجعل ينظر إليك حتى يثبتك فالصحيح من الكلام الذي لا يصحّ غير النصب ب«حتى » ، كما قال الشاعر :
مَطَوْتُ بِهِمْ حتى تَكِلّ مَطِيّهُمْ *** وحتّى الجِيَادُ ما يُقَدْنَ بأرْسانِ
فنصب تكل والفعل الذي بعد حتى ماض ، لأن الذي قبلها من المطو متطاول ، والصحيح من القراءة إذا كان ذلك كذلك : «وزلزلوا حتى يقولَ الرسول » ، نصب يقول ، إذ كانت الزلزلة فعلاً متطاولاً ، مثل المطو بالإبل . وإنما الزلزلة في هذا الموضع : الخوف من العدوّ ، لا زلزلة الأرض ، فلذلك كانت متطاولة وكان النصب في «يقول » وإن كان بمعنى «فعل » أفصح وأصحّ من الرفع فيه .
إضراب انتقالي عن الكلام السابق فاحتاج إلى وجه مناسبة به ، فقال الطيبي أخذاً من كلام « الكشاف » : إن قوله تعالى : { كان الناس أمة واحدة } [ البقرة : 213 ] كلام ذُكرت فيه الأمم السالفة وذُكر من بعث إليهم من الأنبياء وما لَقُوا منهم من الشدائد ، ومُدْمِجٌ لتشجيع الرسول والمؤمنين على الثبات والصبر على أذى المشركين كما قال : { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } [ هود : 120 ] فمن هذا الوجه كان الرسول وأصحابه مُرادين من ذلك الكلام ، يدل عليه قوله : { فهدى الله الذين آمنوا } [ البقرة : 213 ] وهو المضرب عنه ببل التي تضمنّها أَمْ أي دَعْ ذلك ، أحَسِبُوا أن يدخلوا الجنة اهـ .
وبيانه أن القصد من ذكر الأمم السالفة حيثما وقع في القرآن هو العبرة والموعظة والتحذير من الوقوع فيما وقعوا فيه بسوء عملهم والاقتداءُ في المحامد ، فكان في قوله تعالى : { كان الناس أمة واحدة } الآية إجمال لذلك وقد ختم بقوله { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه } ، ولما كان هذا الختام منقبة للمسلمين أُوقِظوا أنْ لا يُزْهَوْا بهذا الثناء فيحسبوا أنهم قضَوْا حق شكر النعمة فعقب بأن عليهم أن يصبروا لما عسى أن يعترضهم في طريق إيمانهم من البأساء والضراء اقتداء بصالحي الأمم السالفة ، فكما حذرهم الله من الوقوع فيما وقع فيه الضالون من أولئك الأمم حرضهم هنا على الاقتداء بهدي المهتدين منهم على عادة القرآن في تعقيب البشارة بالنذارة وعكس ذلك ، فيكون قوله : { أم حسبتم } إضراباً عن قوله : { فهدى الله الذين آمنوا } وليكون ذلك تصبيراً لهم على ما نالهم يوم الحديبية من تطاول المشركين عليهم بمنعهم من العُمرة وما اشترطوا عليهم للعام القابل ، ويكون أيضاً تمهيداً لقوله : { كتب عليكم القتال } [ البقرة : 216 ] الآية ، وقد روي عن أكثر المفسرين الأولين أن هذه الآية نزلت في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجَهد والشدائد فتكون تلك الحادثة زيادة في المناسبة .
و أم في الإضراب كبل إلا أن أَمْ تؤذن بالاستفهام وهو هنا تقرير بذلك وإنكاره إن كان حاصلاً أي بل أحسبتم أن تدخلوا دون بلْوَى وهو حسبان باطل لا ينبغي اعتقاده .
وحَسِب بكسر السين في الماضي : فعل من أفعال القلوب أخواتِ ظن ، وفي مضارعه وجهان كسر السين وهو أجود وفتحها وهو أقيس وقد قرىء بهما في المشهور ، ومصدره الحِسبان بكسر الحاء وأصله من الحساب بمعنى العد فاستعمل في الظن تشبيهاً لجولان النفس في استخراج علم ما يقع بجولان اليد في الأشياء لتعيين عددها ومثله في ذلك فعل عَدَّ بمعنى ظن .
والخطاب للمسلمين وهو إقبال عليهم بالخطاب بعد أن كان الكلام على غيرهم فليس فيه التفات ، وجعل صاحب التفاتا بناء على تقدم قوله { فهدى الله الذي آمنوا لما اختلفوا فيه } [ البقرة : 213 ] وأنه يقتضي أن يقال أم حسبوا أي الذين آمنوا ، والأظهرُ أنه لما وقع الانتقال من غرض إلى غرض بالإضراب الانتقالي الحاصل بأم ، صار الكلام افتتاحاً محضاً وبذلك يُتأكد اعتبار الانتقال من أسلوب إلى أسلوب ، فالالتفات هنا غير منظور إليه على التحقيق .
ودخول الجنة هنا دخولها بدون سبق عناء وبلوى ، وهو دخول الذين استوفوا كل ما وجب عليهم ولم يقصروا في شيء منه ، وإلا فإن دخول الجنة محسوب لكل مؤمن ولو لم تأته البأساء والضراء أو أتتهُ ولم يصبر عليها ، بمعنى أن الصبر على ذلك وعدم الضجر منه موجب لغفران الذنوب ، أو المراد من ذلك أن تنالهم البأساء فيصبروا ولا يرتدوا عن الدين ، لذلك فيكون دخول الجنة متوقفاً على الصبر على البأساء والضراء بهذا المعنى ، وتطرقُ هاته الحالة سنة من سنن الله تعالى في أَتْباع الرسل في أول ظهور الدين وذلك من أسباب مزيد فضائل اتباع الرسل ، فلذلك هُيِّءَ المسلمون لتلقيه من قبل وقوعه لطفاً بهم ليكون حصوله أهون عليهم .
وقد لقي المسلمون في صدر الإسلام من أذى المشركين البأساءَ والضراءَ وأخرجوا من ديارهم وتحملوا مضض الغربة ، فلما وردوا المدينة لقُوا من أذى اليهود في أنفسهم وأذى المشركين في قرابتهم وأموالهم بمكة ما كدر عليهم صفو حفاوة الأنصار بهم ، كما أن الأنصار لقُوا من ذلك شدة المضايقة في ديارهم بل وفي أموالهم فقد كان الأنصار يعرضون على المهاجرين أن يتنازلوا لهم عن حظ من أموالهم .
و { لمَّا } أخت لم في الدلالة على نفي الفعل ولكنها مركبة من لَم ومَا النافية فأفادت توكيد النفي ، لأنها ركبت من حرفي نفي ، ومن هذا كان النفي بها مشعراً بأن السامع كان يترقب حصول الفعل المنفي بها فيكون النفي بها نفياً لحصول قريب ، وهو يشعر بأن حصول المنفي بها يكون بعد مدة ، وهذا استعمال دل عليه الاستقراء واحتجوا له بقول النابغة :
أَزِفَ الترحُّلُ غيرَ أن ركابنا *** لَمَّا تَزُلْ برحالنا وكأنْ قدِ
فنفى بلما ثم قال : وكأن قد ، أي وكأنه قد زالت .
والواو للحال أي أحسبتم دخول الجنة في حالة انتفاء ما يُترقب حصوله لكم من مس البأساء والضراء فإنكم لا تدخلون الجنة ذلك الدخول السالم من المحنة إلا إذا تحملتم ما هو من ذلك القبيل .
والإتيان مجاز في الحصول ، لأن الشيء الحاصل بعد العدم يجعل كأنه أتى من مكان بعيد .
والمثَل : المشابه في الهيئة والحالة كما تقدم في قوله تعالى : { مثلهم كمثل الذين استوقد ناراً } [ البقرة : 17 ] .
و { الذين خلَوْا } هم الأمم الذين مضوا وانقرضوا وأصل { خَلَوْا } خلاَ منهم المكان فبولغ في إسناد الفعل فأسند إليهم ما هو من صفات مكانهم .
و { من قبلكم } متعلق بخَلَوْا لمجرد البيان وقصد إظهار الملابسة بين الفريقين .
والمس حقيقته : اتصال الجسم بجسم آخر وهو مجاز في إصابة الشيء وحلوله ، فمنه مس الشيطان أي حلول ضُر الجنة بالعقل ، ومسُّ سَقر : ما يصيب من نارها ، ومسَّه الفقر والضر : إذا حل به ، وأكثر ما يطلق في إصابة الشر قال تعالى : { وإذا مس الإنسان ضر دعا } [ الزمر : 8 ] { وإذا مس الإنسان الضر دعانا } [ يونس : 12 ] { وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض } [ فصلت : 51 ] { ولا تمسوها بسوء } [ الأعراف : 73 ] فالمعنى هنا : حلت بهم البأساء والضراء . وقد تقدم القول في البأساء والضراء عند قوله تعالى : { والصابرين في البأساء والضراء } [ البقرة : 177 ] .
وقوله : { وزلزلوا } أي أزعجوا أو اضطربوا ، وإنما الذي اضطرب نظام معيشتهم ، قال تعالى : { هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً } [ الأحزاب : 11 ] ، والزلزلة تحرك الجسم من مكانه بشدة ، ومنه زلزال الأرض ، فوزن زلزل فُعفِل ، والتضعيف فيه دال على تكرر الفعل كما قال تعالى : { فكبكبوا فيها } [ الشعراء : 94 ] وقالوا لَمْلَم بالمكان إذا نَزل به نزولَ إقامة .
و { حتى } غاية للمس والزلزالِ ، أي بلغ بهم الأمر إلى غاية يقول عندها الرسول والذين معه متى نصر الله .
ولما كانت الآية مخبرة عن مسَ حل بمن تقدم من الأمم ومنذرة بحلول مثله بالمخاطَبين وقت نزول الآية ، جاز في فعل يَقُول أن يعتبر قولَ رسول أمة سابقة أي زلزلوا حتى يقول رسول المزلْزَلين فـ { آل } للعهد ، أو حتى يقول كلُّ رسول لأمة سبقت فتكون أل للاستغراق ، فيكون الفعل محكياً به تلك الحالة العجيبة فيرفَع بعد حتى ؛ لأن الفعل المراد به الحال يكون مرفوعاً ، وبرفعِ الفعل قرأ نافع وأبو جعفر ، وجاز فيه أن يعتبر قول رسول المخاطَبين عليه السلام فأَلْ فيه للعهد والمعنى : وزلزلوا وتزلزلون مثلهم حتى يقول الرسول فيكون الفعل منصوباً ؛ لأن القول لمَّا يقَعْ وقتئذ ، وبذلك قرأ بقية العشرة ، فقراءة الرفع أنسب بظاهر السياق وقراءة النصب أنسب بالغرض المسوق له الكلام ، وبكلتا القراءتين يحصل كلا الغرضين .
ومتى استفهام مستعمل في استبطاء زمان النصر .
وقوله : { ألا إن نصر الله قريب } كلام مستأنف بقرينة افتتاحه بأَلاَ ، وهو بشارة من الله تعالى للمسلمين بقرب النصر بعد أن حصل لهم من قوارع صدر الآية ما ملأ القلوب رُعباً ، والقصد منه إكرام هذه الأمة بأنها لا يبلغ ما يمسها مبلغ ما مس من قبلها ، وإكرامٌ للرسول صلى الله عليه وسلم بألا يحتاج إلى قول ما قالته الرسل قبله من استبطاء نصر الله بأن يجيء نصر الله لهاته الأمة قبل استبطائه ، وهذا يشير إلى فتح مكة .