المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

111- اذكر لقومك - أيها النبي - محذراً إياهم يوم يأتي فيه كل إنسان لا يهمه إلا الدفاع عن نفسه ، لا يشغله عنها والد ولا ولد ، وهو يوم القيامة ، ويوفي اللَّه فيه كل نفس جزاء ما كسبت من أعمال ، خيراً كانت أو شراً ، ولا يظلم ربك أحدا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نّفْسِهَا وَتُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : }إن ربك من بعدها لغفور رحيم يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تخاصم عن نفسها } ، وتحتجّ عنها بما أسلفت في الدنيا من خير أو شرّ أو إيمان أو كفر . و{ َتُوَفّى كُلّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ } في الدنيا من طاعة ومعصية . { وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } : يقول : وهم لا يفعل بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونه بما قدّموه من خير أو شرّ ، فلا يجزي المحسن إلا بالإحسان ، ولا المسيء إلا بالذي أسلف من الإساءة ، لا يعاقب محسن ولا يبخس جزاء إحسانه ، ولا يثاب مسيء إلا ثواب عمله .

واختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله قيل : «تجادل » فأنّث الكلّ ، فقال بعض نحوّيي البصرة : قيل ذلك لأن معنى كلّ نفس : كل إنسان ، وأنث لأن النفس تذكر وتؤنث ، يقال : ما جاءني نفس واحد وواحدة . وكان بعض أهل العربية يرى هذا القول من قائله غلطا ويقول : «كلّ » إذا أضيفت إلى نكرة واحدة خرج الفعل على قدر النكرة : كلّ امرأة قائمة ، وكلّ رجل قائم ، وكل امرأتين قائمتان ، وكلّ رجلين قائمان ، وكل نساء قائمات ، وكل رجال قائمون ، فيخرج على عدد النكرة وتأنيثها وتذكيرها ، ولا حاجة به إلى تأنيث النفس وتذكيرها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

وقوله : { يوم تأتي كل نفس } ، المعنى لغفور رحيم يوم ، وقوله : { كل نفس } ، أي : كل ذي نفس ، ثم أجري الفعل على المضاف إليه المذكور ، فأتت العلامة ، و { نفس } الأولى هي النفس المعروفة ، والثانية هي بمعنى الذات ، كما تقول نفس الشيء وعينه ، أي : ذاته ، { وتوفى كل نفس } ، أي : يجازى كل من أحسن بإحسانه وكل من أساء بإساءته .

قال القاضي أبو محمد : وظاهر الآية أن كل نفس { تجادل } كانت مؤمنة أو كافرة ، فإذا جادل الكفار بكذبهم وجحدهم للكفر ، شهدت عليهم الجوارح والرسل وغير ذلك بحسب الطوائف ، فحينئذ لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون{[7429]} ، فتجتمع آيات القرآن باختلاف المواطن ، وقالت فرقة : «الجدال » ، قول كل أحد من الأنبياء وغيرهم : نفسي نفسي ، وهذا ليس بجدال ولا احتجاج إنما هو مجرد رغبة .


[7429]:الآية (36) من سورة (المرسلات).