المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

96- وإن من اتباع ملة إبراهيم الاتجاه في الصلاة إلى البيت الذي بناه والحج إليه ، وقد بين الله تعالى ذلك فذكر : إن أول بيت في القدم والشرف جعله الله متعبداً للناس لهو الذي في مكة ، وهو كثير الخيرات والثمرات ، وأودع الله - سبحانه وتعالى - البركة فيه ، وهو مكان هداية الناس بالحج والاتجاه في الصلاة إليه{[33]} .


[33]:إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة. والكعبة أول بيت وضع للناس لعبادة الله الواحد القهار، بينما بقية الشعوب والقبائل في سائر أنحاء الأرض كانوا يبنون البيوت لعبادة الأصنام والتماثيل. فالمصريون كانوا يعبدون آلهة متعددة تارة في وقت واحد وتارة في أوقات متعددة. فمن عبادة الشمس إلى عبادة الصور إلى عبادة الآلهة الثلاثة أوزوريس وأوزيس وابنهما حوريس وأقاموا لذلك التماثيل. وكان الآشوريون يعبدون بعل مشموش ـ أي إله الشمس ـ ويصنعون له صنما على نحو أبي الهول، له رأس إنسان وجسم أسد وله أجنحة. وكان الكنعانيون يعبدون البعل وهو على وصف أبي الهول ولا يزال تمثال الكنعانيين موجودا. وإن كان مشوها حتى اليوم ببعلبك.وبكة هي عين مكة. ومن المعلوم أن بعض القبائل العربية تبدل الباء ميما وبالعكس. فيقولون: في مكان (بكان) وفي بكر (مكر) ويوجد في بعض جهات الإقليم الجنوبي ـ الصعيد ـ من جمهورية مصر العربية أثر من ذلك حتى اليوم.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِنّ أَوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَالَمِينَ }

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تأويله : إن أوّل بيت وضع للناس يعبد الله فيه مباركا وهدى للعالمين ، الذي ببكة . قالوا : وليس هو أوّل بيت وضع في الأرض ، لأنه قد كانت قبله بيوت كثيرة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا هناد بن السرّي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عُرعرة ، قال : قام رجل إلى عليّ ، فقال : ألا تخبرني عن البيت ، أهو أوّل بيت وضع في الأرض ؟ فقال : لا ، ولكنه أوّل بيت وضع في البركة مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت خالد ابن عرعرة قال : سمعت عليا ، وقيل له : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ } هو أول بيت كان في الأرض ؟ قال : لا قال : فأين كان قوم نوح ؟ وأين كان قوم هود ؟ قال : ولكنه أوّل بيت وضع للناس مباركا وهدى .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سأل حفص الحسنَ وأنا أسمع ، عن قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : هو أول مسجد عبد الله فيه في الأرض .

حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي ، قال : حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ } قال : قد كانت قبله بيوت ، ولكنه أوّل بيت وضع للعبادة .

حدثني محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا عباد ، عن الحسن ، قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ } يعبد الله فيه { للّذِي بِبكّةَ } .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : وضع للعبادة .

وقال آخرون : بل هو أوّل بيت وضع للناس . ثم اختلف قائلو ذلك في صفة وضعه أوّل ، فقال بعضهم : خُلِق قبل جميع الأرضين ، ثم دْحِيَت الأرضون من تحته . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة ، وكان إذا كان عرشه على الماء ، زِبْدَةً بيضاء ، فَدُحيت الأرض من تحته .

حدثني محمد بن عبد الله بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا خصيف ، قال : سمعت مجاهدا يقول : إن أوّل ما خلق الله الكعبة ، ثم دَحَى الأرض من تحتها .

حدثني محمد بن عمرو : قال حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ } كقوله : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ للنّاسِ } .

حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا وهُدًى للْعَالِمينَ } أمّا أوّل بيت ، فإنه يوم كانت الأرض ماء ، وكان زَبْدة على الأرض ، فلما خلق الله الأرض ، خلق البيت معها ، فهو أوّل بيت وضع في الأرض .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : أوّل بيت وضعه الله عزّ وجلّ ، فطاف به آدم ومن بعده .

وقال آخرون موضع الكعبة ، موضع أوّل بيت وضعه الله في الأرض . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ذُكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط ، قال : أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي . فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين ، حتى إذا كان زمن الطوفان زمن أغرق الله قوم نوح رفعه الله وطهره من أن يصيبه عقوبة أهل الأرض ، فصار معمورا في السماء . ثم إن إبراهيم تتبع منه أثرا بعد ذلك ، فبناه على أساس قديم كان قبله .

والصواب من القول في ذلك : ما قال جلّ ثناؤه فيه : إن أوّل بيت مبارك وهدى وضع للناس ، للذي ببكة . ومعنى ذلك : إن أوّل بيت وضع للناس : أي لعبادة الله فيه مباركا وهدى ، يعني : بذلك ومآبا لنسك الناسكين وطواف الطائفين ، تعظيما لله وإجلالاً له¹ للّذي ببكة¹ لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ما :

حدثنا به محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال : قلت يا رسول الله ، أيّ مسجد وضع أوّل ؟ قال : «المَسْجدُ الحَرامُ » قال : ثم أيّ ؟ قال : «المَسْجدُ الأقْصَى » قال : كم بينهما ؟ قال : أرْبَعُونَ سَنَةٌ » .

فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن المسجد الحرام هو أوّل مسجد وضعه الله في الأرض على ما قلنا ، فأما في وضعه بيتا بغير معنى بيت للعبادة والهدى والبركة ، ففيه من الاختلاف ما قد ذكرت بعضه في هذا الموضع وبعض في سورة البقرة وغيرها من سور القرآن وبينت الصواب من القول عندنا في ذلك بما أغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .

وأما قوله : { للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } فإنه يعني : للبيت الذي بمزدحم الناس لطوافهم في حجهم وعمرهم وأصل البكّ : الزحم ، يقال منه : بَكّ فلان فلانا : إذا زحمه وصدمه ، فهو يَبُكّه بَكّا ، وهم يَتَباكّون فيه : يعني به : يتزاحمون ويتصادمون فيه ، فكان بَكّة : «فَعْلَة » من بَكّ فلانٌ فلانا : زحمه ، سميت البقعة بفعل المزدحمين بها . فإذا كانت بكة ما وصفنا ، وكان موضع ازدحام الناس حول البيت ، وكان لا طواف يجوز خارج المسجد ، كان معلوما بذلك أن يكون ما حول الكعبة من داخل المسجد ، وأن ما كان خارج المسجد فمكة لا بكة¹ لأنه لا معنى خارجه يوجب على الناس التباكّ فيه . وإذا كان ذلك كذلك كان بيّنا بذلك فساد قول من قال بكة : اسم لبطن مكة ، ومكة : اسم للحرم .

ذكر من قال في ذلك ما قلنا ، من أن بكة في موضع مزدحم الناس للطواف :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك الغفاري في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : بكة : موضع البيت ، ومكة : ما سوى ذلك .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن أبي جعفر ، قال : مرّت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي ، وهي تطوف بالبيت ، فدفعها . قال أبو جعفر : إنها بكة يبكّ بعضها بعضا .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا سلمة ، عن مجاهد ، قال : إنما سميت بكّة ، لأن الناس يتباكّون فيها ، الرجال والنساء .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد ، قال : قلت أيّ شيء سميت بكة ؟ قال : لأنهم يتباكّون فيها ، قال : يعني يتزاحمون .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأسود بن قيس ، عن أخيه ، عن ابن الزبير ، قال : إنما سميت بكة لأنهم يأتونها حجاجا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } فإن الله بكّ به الناس جميعا ، فيصلي النساء قدّام الرجال ، ولا يصلح ببلد غيره .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : «بكة » : بكّ الناسُ بعضهم بعضا ، الرجال والنساء يصلي بعضهم بين يدي بعض ، لا يصلح ذلك إلا بمكة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، قال : «بكة » : موضع البيت ، و «مكة » : ما حولها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أزهر ، عن غالب بن عبيد الله أنه سأل ابن شهاب عن بكة . قال : «بكة » البيت والمسجد . وسأله عن مكة . فقال ابن شهاب : «مكة » : الحرم كله .

حدثنا الحسين . قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج . عن عطاء ومجاهد ، قالا «بكة » : بكّ فيها الرجال والنساء .

حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي . قال : قال ضمرة بن ربيعة : «بكة » : المسجد . و«مكة » : البيوت . وقال بعضهم بما :

حدثني به يحيى بن أبي طالب . قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ } قال : هي مكة .

وقيل : { مُبارَكا } لأن الطواف به مغفرة للذنوب ، فأما نصب قوله : { مُبَاركا } فإنه على الخروج من قوله : { وُضِعَ }¹ لأن في «وضع » ذكرا من البيت هو به مشغول وهو معرفة ، و «مبارك » نكرة لا يصلح أن يتبعه في الإعراب . وأما على قول من قال : هو أول بيت وضع للناس على ما ذكرنا في ذلك قول من ذكرنا قوله ، فإنه نصب على الحال من قوله : { للّذِي بِبكّةَ }¹ لأن معنى الكلام على قولهم : إن أوّل بيت وضع للناس ، البيت ببكة مباركا . فالبيت عندهم من صفته «الذي ببكة » ، و «الذي » بصلته معرفة ، و «المبارك » نكرة¹ فنصب على القطع منه في قول بعضهم . وعلى الحال في قول بعضهم . و «هدى » في موضع نصب على العطف على قوله «مباركا » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

وقرأ جمهور الناس : «وُضع » على بناء الفعل للمفعول على معنى وضعه الله ، فالآية على هذا ابتداء معنى منقطع من الكلام الأول ، وقرأ عكرمة ، «وَضع » بفتح الواو والضاد ، فيحتمل أن يريد : وضع الله ، فيكون المعنى منقطعاً كما هو في قراءة الجمهور ، ويحتمل أن يريد وضع إبراهيم عليه السلام ، فيكون المعنى متصلاً بالذي قبله ، وتكون هذه الآية استدعاء لهم إلى ملته ، في الحج وغيره على ما روى عكرمة : أنه لما نزلت { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً } الآية : قال اليهود : نحن على الإسلام فقرئت ، { ولله على الناس حج البيت } [ آل عمران : 97 ] قيل له : أحجهم يا محمد ، إن كانوا على ملة إبراهيم التي هي الإسلام .

قال القاضي أبو محمد : ويؤيد هذا التأويل ما قال أبو ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال : المسجد الحرام ، قلت ثم أي ؟ قال : المسجد الأقصى ، قلت : كم بينهما ؟ قال ( أربعون سنة ) {[3337]} ، فيظهر من هذا أنهما من وضع إبراهيم جميعاً ، ويضعف ما قال الزجّاج : من أن بيت المقدس من بناء سليمان بن داود ، اللهم إلا أن يكون جدده ، وأين مدة سليمان ، من مدة إبراهيم ؟ ولا مرية في أن إبراهيم وضع بيت مكة ، وإنما الخلاف هل وضع بدأة أو وضع تجديد ؟ واختلف المفسرون في معنى هذه الأولية التي في قوله : { إن أول } فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : معنى الآية أن أول بيت وضع مباركاً وهدى هذا البيت الذي ببكة وقد كانت قبله بيوت لم توضع وضعه من البركة والهدى ، وقال قوم : بل هو أول بيت خلق الله تعالى ومن تحته دحيت الأرض{[3338]} .

قال الفقيه القاضي أبو محمد : ورويت في هذا أقاصيص من نزول آدم به من الجنة ومن تحديد ما بين خلقه ودحو الأرض ، ونحو ما قال الزجّاج : من أنه البيت المعمور أسانيدها ضعاف فلذلك تركتها ، وعلى هذا القول يجيء رفع إبراهيم القواعد تجديداً ، قال قتادة : ذكر لنا أن البيت أهبط مع آدم ورفع وقت الطوفان{[3339]} ، واختلف الناس في { بكة } ، فقال الضحاك وجماعة من العلماء : «بكة » هي مكة ، فكأن هذا من إبدال الباء بالميم ، على لغة مازن وغيرهم ، وقال ابن جبير وابن شهاب وجماعة كثيرة من العلماء مكة الحرم كله ، و «بكة » مزدحم الناس حيث يتباكون ، وهو المسجد وما حول البيت ، وقال مالك في سماع ابن القاسم من العتبية : «بكة » موضع البيت ، ومكة غيره من المواضع ، قال ابن القاسم : يريد القرية ، قال الطبري : ما خرج عن موضع الطواف فهو مكة لا بكة ، وقال قوم : «بكة » ، ما بين الجبلين ومكة ، الحرم كله ، و { مباركاً } نصب على الحال ، والعامل فيه على قول علي بن أبي طالب إنه أول بيت وضع بهذه الحال ، قوله : { وضع } والعامل فيه على القول الآخر الفعل الذي تتعلق به باء الجر في قوله { ببكة } تقديره : استقر ببكة مباركاً ، وفي وصف البيت ب { هدى } مجازية بليغة ، لأنه مقوم مصلح ، فهو مرشد ، وفيه إرشاد ، فجاء قوله ، { وهدى } بمعنى وذا هدى ، ويحتمل أن يكون { هدى } في هذه الآية ، بمعنى الدعاء ، أي من حيث دعي العالمون إليه .


[3337]:- أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما- عن أبي ذر (فتح القدير: 1/332)
[3338]:- أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي، في الشعب عن ابن عمر، وأخرج نحوه ابن المنذر عن أبي هريرة. (فتح القدير. 1: 332)
[3339]:- انظر تفسير الطبري 4/8