ولما ألزمهم سبحانه وتعالى بالدليل الذي دل على النسخ أنهم على غير ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وأوجب عليهم اتباعها بعد بيان أنها هي ما عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه ، أخبر عن البيت الذي يحول إليه التوجه{[18326]} في الصلاة ، فعابوه على أهل{[18327]} الإسلام أنه أعظم{[18328]} شعائر إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي{[18329]} كفروا بتركها ، ولذلك أبلغ في تأكيده{[18330]} فقال سبحانه وتعالى : { إن أول بيت } أي من البيوت الجامعة للعبادة { وضع للناس } أي على العموم متعبداً واجباً عليهم قصده وحجه بما أمرهم به على لسان موسى عليه الصلاة والسلام ، واستقباله في الصلاة بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ولعل بناء{[18331]} وضع للمفعول إشارة إلى أن وضعه كان قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام { للذي ببكة } أي البلدة التي تدق أعناق الجبابرة ، ويزدحم{[18332]} الناس فيها إزدحاماً{[18333]} لا يكون في غيرها مثله ولا قريب منه ، فلا بد أن{[18334]} يدق هذا النبي الذي أظهرته منها الأعناق من كل من ناواه ، ويزدحم الناس على الدخول في دينه ازدحاماً لم يعهد مثله ، فإن فاتكم ذلك ختم في الدارين غاية الخيبة ودام ذلكم وصغاركم ؛ حال كونه { مباركاً } أي عظيم الثبات كثير الخيرات في الدين والدنيا { وهدى للعالمين * } أي من بني إسرائيل ومن قبلهم ومن بعدهم ، فعاب{[18335]} عليهم سبحانه وتعالى في هذه الآية فعلهم {[18336]}من النسخ{[18337]} ما أنكروه على مولاهم .
وذلك نسخهم لما شرعه من حجة{[18338]} من عند أنفسهم تحريفاً{[18339]} منهم مثالاً لما قدم من{[18340]} الإخبار به عن كذبهم ، وهذا أمر شهير يسجل{[18341]} عليهم بالمخالفة ويثبت{[18342]} للمؤمنين المؤالفة ، فإن حج البيت الحرام وتعظيمه من أعظم ما شرعه إبراهيم عليه الصلاة والسلام - كما هو مبين في{[18343]} السير وغيرها وهم عالمون بذلك ، وقد حجه أنبياؤهم عليهم الصلاة والسلام وأسلافهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم - كما روي من غير طريق عن{[18344]} النبي صلى الله عليه وسلم حتى أن في بعض الطرق أنه كان{[18345]} مع موسى عليه الصلاة في حجة إليه سبعون ألفاً من بني إسرائيل ، ومن المحال عادة أن يخفى ذلك عليهم ، ومن الأمر الواضح أنهم قد تركوا هذه الشريعة العظيمة أصلاً ورأساً ، فكيف يصح لهم دعوى أنهم{[18346]} على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع انسلاخهم{[18347]} من معظم شرائعه !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.