فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

{ أول } أسبق وأفضل

{ بيت } مسجد ، وبيت الله : الكعبة البيت الحرام .

{ وضع } جعل وأعد وهيئ . { بكة } مكة .

{ مباركا } كثير الخير ثابتا .

{ هدى } هاديا . { للعالمين } لأجناس من الخلق كل جنس منها عالم .

إن أسبق وأفضل مسجد هيئ وأعد للناس كي يعبدوا الله تعالى فيه وحوله المسجد الحرام ، الكعبة البيت العتيق { مباركا } كثير الخير يغفر الله الذنوب لمن طاف به واعتكف عنده وأقام الصلاة حوله ، قال ابن عباس { مباركا } لما أنه يضاعف فيه ثواب العبادة وقال القفال : يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله تعالى { . . يجبى إليه ثمرات كل شيء . . }{[1072]} وقيل بركته{[1073]} دوام العبادة فيه ولزومها ، ومباركا منصوب لوقوعه حالا . { وهدى للعالمين } يهدي من حجه واعتمره واستقبله وعظمه إلى ثواب الله عز وجل شأنه أو يهدي إلى ربه تبارك وتعالى بما فيه من الآيات العجيبة .


[1072]:من سورة القصص من الآية 57.
[1073]:أورد صاحب روح المعاني: وقد جاء البركة بمعنيين: النمو وهو الشائع والثبوت ومنه البركة لثبوت الماء فيها، والبرك الصدر لثبوت الحفظ فيه وتبارك الله سبحانه بمعنى ثبت ولم يزل. ووجه الكرماني كونه مباركا بأن الكعبة كالنقطة وصنوف المتوجهين إليها في الصلوات كالدوائر المحيطة.. ومن كان في المسجد الحرام يفصل أنوار تلك الألواح الصافية المقدسة بنور روحه فتزداد الأنوار الإلهية في قلبه وهذا غاية البركة ثم إن الأرض كروية وكل آن يفرض فهو صبح لقوم ظهر لثان عصر لثالث وهلم جرا، فليست الكعبة منفكة قط عن توجه قوم إليها لأداء الفرائض فهو دائما كذلك وقد أورده من قبله صاحب تفسير غرائب القرآن.