بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ } قال مقاتل يعني أول مسجد وضع للناس ، أي للمؤمنين . ويقال : أول موضع خلق ، هو موضع الكعبة للناس ، أي قبلة للناس { لَلَّذِي بِبَكَّةَ } قال الكلبي : إنما سمي بكة ، لأن الناس يبك بعضهم بعضاً ، أي يزدحم .

وقال الزجاج : بكة موضع البيت ، وسائر ما حواليه مكة . وقال القتبي : بكة ومكة شيء واحد ، والباء تبدل من الميم . كما يقال سمد رأسه وسبده إذا استأصله ، أي قلع بأصله . ويقال : بكة موضع المسجد ، ومكة البلد حوله . ثم قال تعالى : { مُبَارَكاً } أي فيها بركة ومغفرة للذنوب { وَهُدًى للعالمين } يعني قبلة لمن صلّى إليها ، وذلك أن اليهود قالوا للمؤمنين : لم عمدتم إلى الحجارة تطوفون بها وتصلون إليها ؟ وجعلوا يعظمون بيت المقدس ، فنزلت هذه الآية .

وروى الكلبي أن آدم عليه السلام بنى البيت ، فلما كان زمان الطوفان ، رفع إلى السماء السادسة بحيال الكعبة ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لم يدخلوه قط قبله . ويقال : أنزل من السماء ، وهو من ياقوتة حمراء ، فلما كان زمان الطوفان ، رفع إلى السماء الرابعة .