التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

قوله تعالى{ إن اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا . . . }

قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص ، حدثنا ابي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا إبراهيم التيمي ، عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع اول ؟ قال : " المسجد الحرام " . قلت : ثم أي ؟ قال : " ثم المسجد الأقصى " قلت كم كان بينهما ؟ قال : " أربعون " . ثم قال : " حيثما ادركتك الصلاة فصل والأرض لك مسجد " .

( الصحيح6/458 ح3425-ك احاديث الأنبياء ، ب قوله تعالى{ ووهبنا لداود سليمان } ) .

قال الترمذي : حدثنا قتيبة ، حدثنا الليث ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن عمرو بن سليم الزرقي ، عن عاصم بن عمر ، عن علي بن أبي طالب قال ، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ائتوني بوضوء ، فتوضأ ثم قام فاستقبل القبلة ، ثم قال : اللهم عن إبراهيم كان عبدك وخليلك ودعا لأهل مكة بالبركة ، وأنا عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثلي ما باركت لهل مكة مع البركة بركتين " .

( السنن5/718 ح3914-ك المناقب ، ب في فضل المدينة ح3914 )وقال : حديث حسن صحيح . وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه( 1/105-102 ح2090-ك الوضوء ، ب استحباب الوضوء للدعاء . . . )من حديث شعيب بن الليث عن سعيد بن أبي سعيد به ، قال محققه : إسناده صحيح . وأخرجه صحيح ورجاله ثقات . وأخرجه الضياء المقدسي( المختارة2/164-166 ح543 و544 ) من طرق عن الليث به ، قال محققه في الموضعين : إسناده صحيح .

قال الضياء المقدسي : قرئ على احمد عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي-ونحن نسمع-أخبركم أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي-قراءة عليه وأنت تسمع-انا احمد بن محمد بن الخليلي ، أنا علي بن احمد الخزاعي ، انا الهيثم بن كليب الشاشي ، ثنا إسماعيل القاضي ، ثنا حجاج بن منهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة ، قال : لما قتل عثمان ، ذعرني ذعرا شديدا ، وكان سل السيف فينا عظيما ، فجلست في بيتي ، وكانت لي حاجة في السوق لثياب اشتريتها ، فخرجت فإذا انا بنفر في ظل جلوس ، نحو من أربعين رجلا ، وإذا سلسلة معلقة معروضة على الباب ، فقلت : لأدخلن فللأنظرن . قال : فذهبت لدخل ، فمنعني البواب ، فقالوا : دع الرجل . فدخلت ، فإذا أشراف الناس ، وإذا وسادة معروضة ، فجلست ، فجاء رجل جميل عليه حلة ليس عليه قميص ولا عمامة ، فإذا هو علي-رضي الله عنه-ثم جلس ، فلم ينكر من القوم غيري . فقال : سلوني ، ولا تسألوني إلا عما ينفع ويضر . فقال رجل : ما قلت حتى أحببت ان تقول ، أنا أسألك . فقال : سل ، ولا تسأل إلا عما ينفع او يضر . فقال : ما{ الداريات ذروا . فالحاملات وقرا . فالجاريات يسرا . فالمقسمات أمرا } ؟ قال : الملائكة . ( الذاريات1-4 ) . ثم قال : أخبرني عن ما أسألك . فقال : سل ، ولا تسأل إلا عما ينفع أو يضر . فقال : ما{ السقف المرفوع } ؟ قال : السماء . قال : فما{ العاصفات عصفا } ؟ قال : الرياح . قال : فما { الجوار الكنس } ؟ قال : الكواكب . قال : فما{ البيت المعمور } ؟ قال : قال علي لأصحابه ما تقولون ؟ قالوا : نقول : هو البيت الحرام . قال : بل هو بيت في السماء يقال له : الصراح ، حيال هذا البيت ، حرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه ، ثم تلا هذه الآية : { إن اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين . فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } . ثم قال : أما إنه ليس بأول بيت كان ، قد كان نوح قبله وكان في البيوت ، وكان إبراهيم قبله وفي البيوت ، ولكنه اول بيت وضع للناس فيه البركة ، { فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا }ثم حدث ان إبراهيم-عليه السلام-لما امر ببناء البيت ضاق به ذرعا فلم يدر كيف يبينه ، فأرسل الله السكينة ، وهي ريح خجوج لها رأس ، فتطوقت له بالحج ، فكان يبني عليها كل يوم سافا ، ومكة شديدة الحر ، فلما بلغ الحجر ، قال لإسماعيل : اذهب فالتمس لي حجرا أضعه . فذهب يطوف في الجبال ، فجاء جبريل بالحجر فوضعه ، فجاء إسماعيل فقال : من أين هذا ؟ قال : جاء به من لم يتكل على بنائي وبنائك ، فوضعه ، فلبث ما شاء الله ان يلبث ، ثم انهدم ، فبنته العمالقة ، ثم انهدم فبنته جرهم ، ثم انهدم فبنته قريش ، فلما أرادوا ان يضعوا الحجر تنازعوا في وضعه . قالوا : أول من يخرج من هذا الباب يضعه ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من باب بني شيبة ، فأمر بثوب فبسط ، ووضع الحجر في وسط الثوب ، وأمر من كل فخذ رجلا ان يأخذ ناحية الثوب ، فأخذوه فرفعوه ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه . فقام رجل آخر فقال : أخبرني عن هذه الآية : { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا او إعراضا فلا جناح عليهما }حتى ختم الآية ؟ قال : عن مثل هذا فسلوا ، هذا العلم ، هو الرجل تكون له امرأتان ، إحداهما قد عجزت وهي دميمة ، فيصالحها ان يأتيها كل يوم ، أو ثلاثة ، أو أربع . فقام غليه رجل آخر فسأله عن هذه الآية : { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن } ( النساء128 ) . فأقيمت الصلاة فقام . روى قتيبة عن أبي عوانة ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة قال : سمعت عليا وسأله رجل عن : { الذاريات ذروا }و{ الحاملات وقرا }و{ المقسمات } .

( المختارة2/60 ح438 ) . وحسنه المحقق وهو كما قال ، وأخرجه الحاكم من طريق خالد بن الوليد عرعرة به منحصرا على الآية المذكورة وصححه ووافقه الذهبي( المستدرك2/292-293 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : " بكة " بك الناس بعضهم بعضا ، الرجال والنساء ، يصلي بعضهم بين يدي بعض ، لا يصح ذلك إلا بمكة .