مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

ولما قالت اليهود للمسلمين : قبلتنا قبل قبلتكم نزل { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ } والواضع هو الله عز وجل . ومعنى وضع الله بيتاً للناس أنه جعله متعبداً لهم فكأنه قال : إن أول متعبد للناس الكعبة وفي الحديث " إن المسجد الحرام وضع قبل بيت المقدس بأربعين سنة " قيل : أول من بناه إبراهيم . وقيل : هو أول بيت حج بعد الطوفان . وقيل : هو أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والأرض . وقيل : هو أول بيت بناه آدم عليه السلام في الأرض . وقوله «وضع للناس » في موضع جر صفة ل «بيت » والخبر { لَلَّذِى بِبَكَّةَ } أي للبيت الذي ببكة وهي علم للبلد الحرام . ومكة وبكة لغتان فيه . وقيل : مكة البلد وبكة موضع المسجد . وقيل : اشتقاقها من بكه إذا زحمه لازدحام الناس فيها ، أو لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها لم يقصدها جبار إلا قصمه الله . { مُبَارَكاً } كثير الخير لما يحصل للحجاج والمعتمرين من الثواب وتكفير السيئات { وَهُدًى للعالمين } لأنه قبلتهم ومتعبدهم ، و«مباركاً وهدى » حالان من الضمير في وضع