الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ} (96)

قوله : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلذِي بِبَكَّةَ . . ) الآية [ 96 ] .

أخبر الله تعالى : أن أول بيت وضع للناس مبارك وهدى للعالمين هو الذي ببكة ، وكان قبله بيوت إلا أنه ليس لهن هذه الصفة ، هذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو على قوله أول بيت وضعت فيه البركة والهدى مقام إبراهيم( {[10446]} ) . وقال الحسن : هو أول مسجد عبد الله فيه في الأرض( {[10447]} ) .

وقال ابن عمر : هو أول بيت وضع في الأرض ، خلق الله البيت قبل الأرض بألفي( {[10448]} ) سنة ، وكان إذ كان عرشه على الماء على زيد وبيضاء فدحيت الأرض من تحته .

وقال مجاهد : أول بيت خلق الله : الكعبة ، ثم دحا الأرض من تحتها ، وقاله السدي( {[10449]} ) .

وقيل : إن موضع الكعبة موضع أول بيت وضعه الله في الأرض( {[10450]} ) . وقال قتادة : هبط البيت مع آدم حين هبط ، يطوف حوله كما يطاف حول العرش ثم رفعه الله في الطواف فصار معموراً في السماء ، ثم إن إبراهيم تتبع منه أساساً حين أمره تعالى ببنائه فبناه على أساس قديم( {[10451]} ) .

ومعنى وضع للناس [ أي ]( {[10452]} ) : لعبادة الله .

وسئل النبي عليه السلام( {[10453]} ) عن( {[10454]} ) أول مسجد وضع ؟ فقال : " المسجد الحرام ، ثم مسجد بيت المقدس وكان بينهما أربعون سنة " ( {[10455]} ) .

وبكة : حول البيت مع الطواف ( من )( {[10456]} ) قولهم بكه( {[10457]} ) : إذا زحمه ، فسميت بذلك البقعة للازدحام [ الذي يكون ] ( {[10458]} ) فيها وما عدا ذلك في خارج المسجد : مكة .

قال ابن شهاب : بكة البيت والمسجد ، ومكة الحرم كله( {[10459]} ) .

وقال مالك : بكة موضع البيت ، ومكة غيره من المواضع( {[10460]} ) .

قال ابن القاسم : يريد القرية( {[10461]} ) .

وروي عن ابن وهب أنه قال : بكة موضع البيت ، ومكة ما حول البيت من المواضع .

وقيل : إنما سميت مكة لأنها تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها( {[10462]} ) .

قال مقاتل : بكة ما بين الجبلين ، ومكة الحرم كله وإنما سميت بمكة لأنها تمك المخ من العظم أي تمحقه لما يحتاج ( إليه )( {[10463]} ) الإنسان من السعي والطواف والعمل .

يقال : مككت العظم إذا أخرجت ما فيه .

وقيل : سميت مكة لأن الناس كانوا يمكون ، ويضجون فيها من قوله :

( وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً )( {[10464]} ) يقول : تصفيق وصفير .

وقال الضحاك : بكة هي مكة( {[10465]} ) ، وعلى ذلك أهل اللغة أن الميم بدل من الباء كما يقال : لازب ، ولازم وسبل شعره وسمله إذا استأصله .

وسميت بكة لأن الناس يتباكون حولها( {[10466]} ) الرجال والنساء يعني يزدحمون ، وقيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة .


[10446]:- انظر: جامع البيان 4/7.
[10447]:- انظر: جامع البيان 4/7 والدر المنثور 2/265.
[10448]:- (أ): ألف، وألفي هي رواية الطبري والسيوطي.
[10449]:- انظر: جامع البيان 4/8 والدر المنثور 2/265.
[10450]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 4/8.
[10451]:- انظر: المصدر السابق.
[10452]:- ساقط من (أ) و(ج).
[10453]:- (ج): ص.
[10454]:- (أ): على وهو.
[10455]:- أخرجه مسلم في كتاب المساجد 2/63 وابن ماجه 1/224.
[10456]:- ساقط من (د).
[10457]:- (ب) و(ج) مكة. (د): بكة إذا زحمة.
[10458]:- ساقط من (أ) (ج).
[10459]:- انظر: جامع البيان 4/10 والدر المنثور 3/267.
[10460]:- قاله مالك في سماع ابن القاسم، عن العتبية، انظر: المحرر 3/166.
[10461]:- انظر: المصدر السابق.
[10462]:- معاني الزجاج 1/445.
[10463]:- ساقط من (ب) (د).
[10464]:- الأنفال آية 35.
[10465]:- انظر: جامع البيان 4/10.
[10466]:- (ج): حولها وعند رؤيتها.