المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ} (27)

27- ألم تر - أيها العاقل - أنَّ الله أنزل من السماء ماء فأخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها ، منها الأحمر والأصفر والحلو والمر والطيب والخبيث ، ومن الجبال جبال ذوو طرائق وخطوط بيض وحمر مختلفة بالشدة والضعف{[187]} .


[187]:ليس الأعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة هو التنويه فقط بما في الجبال من ألوان مختلفة ترجع إلى اختلاف المواد التي تتألف منها صخورها من حديد يجعل اللون السائد أحمر أو منجنير أو فحم يجعله أسود أو نحاسا يجعله أخضر وغير ذلك. ولكن الإعجاز هو الربط بين إخراج ثمرات مختلفات الألوان يروى شجرها ماء واحدا، وخلق جبال حمر وبيض وسود يرجع أصلها إلى مادة واحدة متجانسة التركيب أصل معينها من باطن الأرض. ويسميها علماء الجيولوجيا بالصهارة والمجاجما، وهذه الصهارة الواحدة عندما تنبثق في أماكن مختلفة من الأرض وعلى أعماق مختلفة من السطح يعتري تركيبها الاختلاف فتتصلب آخر الأمر في كتل أو جبال مختلفات المادة والألوان. وهكذا فسنة الله واحدة لأن الأصل واحد والفروع مختلفة وفي هذا متاع وفائدة لبني الإنسان.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ} (27)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ أنَزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النّاسِ وَالدّوَآبّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } .

يقول تعالى ذكره : ألم تر يا محمد أن الله أنزل من السماء غيثا ، فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها يقول : فسقيناه أشجارا في الأرض ، فأخرجنا به من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها ، منها الأحمر ، ومنها الأسود والأصفر ، وغير ذلك من ألوانها وَمِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ يقول تعالى ذكره : ومن الجبال طرائق ، وهي الجدد ، وهي الخطط تكون في الجبال بيض وحمر وسود ، كالطرق واحدتها جدّة ومنه قول امرىء القيس في صفة حمار :

كأنّ سَرَاتَهُ وَجُدّةَ مَتْنِهِ *** كَنائِنُ يَجْرِي فَوْقَهُنّ دَلِيصُ

يعني بالجدّة : الخطة السوداء تكون في متن الحمار .

وقوله : مُخْتَلِفٌ ألْوَانُها يعني : مختلف ألوان الجدد وَغَرَابِيبُ سُودٍ ، وذلك من المقدّم الذي هو بمعنى التأخير وذلك أن العرب تقول : هو أسود غربيب ، إذا وصفوه بشدّة السواد ، وجعل السواد ههنا صفة للغرابيب

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ} (27)

{ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها } أجناسها وأصنافها على أن كلا منها ذو أصناف مختلفة ، أو هيئاتها من الصفرة والخضرة ونحوهما . { ومن الجبال جدد } أي ذو جدد أي خطط وطرائق يقال جدة الحمار للخطة السوداء على ظهره ، وقرئ " جدد " بالضم جمع جديدة بمعنى الجدة و " جدد " بفتحتين وهو الطريق الواضح . { بيض وحمر مختلف ألوانها } بالشدة والضعف . { وغرابيب سود } عطف على { بيض } أو على { جدد } كأنه قيل : ومن الجبال ذو جدد مختلفة اللون ومنها { غرابيب } متحدة اللون ، وهو تأكيد مضمر يفسره ما بعده فإن الغربيب تأكيد للأسود ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد ونظير ذلك في الصفة قول النابغة :

*** والمؤمن العائذات الطير يمسحها ***

وفي مثله مزيد تأكيد لما فيه من التكرير باعتبار الإضمار والإظهار .