{ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود 27 ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور 28 }
تقرير لوحدانيته تعالى بأدلة سماوية وأرضية إثر تقريرها بأمثال ضربها . . والاستفهام للتقرير والرؤية قلبية . . والخطاب عام . - {[3830]} .
[ لما بين دلائل الوحدانية بطريق الأخبار ، ذكر دليل آخر بطريق الاستخبار ، لأن الشيء إذا كان خفيا ولا يراه من بحضرتك كان معذورا . أما إذا كان بارزا مكشوفا فإنك تقول : أما تراه ؟ ! ]{[3831]} .
إنك تعلم أن الله المعبود بحق – دون سواه- هو الذي أنزل من جهة السماء ماء الغيث والسقيا والمطر ، فجعله سببا في إنبات الزرع والشجر ، ومنها نرزق القوت والثمر ، ومع أن المطر النازل واحد فإن الثمرات التي سقيت به لا تكون متحدة بل مختلفة . { مختلف ألوانها } أي : متفاوتة الأنواع من تمر إلى عنب إلى تين ورمان ، إلى غير ذلك مما لا نكاد نحصيه- وهذا كما يقال : فلان أتى بألوان من الأحاديث ، قدم كذا لونا من الطعام . . . ويجوز أن يراد اختلاف كل نوع باختلاف أفراده . . . عن قتادة أنه حمل الألوان على معناها المعروف ، واختلافها بالصفرة والحمرة والخضرة وغيرها . وروى ذلك عن ابن عباس أيضا وهو الأوفق لما في قوله تعالى : { ومن الجبال جدد بيض وحمر . . }-{[3832]} .
نقل عن بعض المفسرين : هنا محذوف تقديره : ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر مختلف ألوانها في البياض والحمرة ، لأن الأبيض قد يكون على لون الجص ، وقد يكون أدنى من ذلك ، وكذلك الحمرة . اه
ومعلوم أن الجدد هي الطرائق والخطط ، وإنك حين تعاين بعض الجبال تجد الواحد منها قد احتوى الحجارة البيضاء تلاحقها الصخور الحمراء وتختلف درجات ألوانها ، بل وربما طبيعة تكوينها ، وما استودعت من عناصر ومعادن تتفاوت في نفاستها وخواصها ، فسبحان من برأ وذرأ ! { وغرابيب سود } وجدد ممعنة في السواد ، مما قال أبو عبيدة : . . ففي الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى : ومن الجبال سود غرابيب ، وقال غيره : صفة لمحذوف أقيم مقامه بعد حذفه ، وقوله تعالى : { سود } بدل منه أو عطف بيان له ، وهو مفسر للمحذوف ، وفيه التفسير بعد الإبهام ، ومزيد الاعتناء بوصف السواد حيث دل عليه من طريق الإضمار والإظهار ، ويجوز أن يكون العطف على{ جدد } على معنى : ومن الجبال ذو جدد مختلف اللون ومنها غرابيب متحدة اللون ، وكأنه لما اعتنى بأمر السواد بإفادة أنه في غاية الشدة لم يذكر بعده الاختلاف بالشدة والضعف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.