الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ} (27)

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها } قال : أحمر وأصفر { ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } أي جبال حمر { وغرابيب سود } والغرابيب السود يعني لونه كما اختلفت ألوان هذه الجبال ، وألوان الناس والدواب والأنعام كذلك { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال : كان يقال كفى بالرهبة علماً .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { ثمرات مختلفاً ألوانها } قال : الأبيض ، والأحمر ، والأسود وفي قوله { ومن الجبال جدد بيض } قال : طرائق بيض يعني الألوان .

وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أيصبغ ربك ؟ قال " نعم . صبغاً لا ينقض . أحمر . وأصفر . وأبيض " .

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله { جدد } قال : طرائق . طريقة بيضاء ، وطريقة خضراء . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت الشاعر وهو يقول :

قد غادر السبع في صفحاتها جدداً *** كأنها طرق لاحت على أكم

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله { ومن الجبال جدد بيض } قال : طرائق بيض { وغرابيب سود } قال : جبال سود .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : { الغرابيب الأسود } الشديد السواد .

وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله { مختلفاً ألوانها } قال : منها الأحمر والأبيض والأخضر والأسود ، وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض ، وكذلك الدواب ، والأنعام .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله { ومن الجبال جدد } قال : طرائق تكون في الجبل بيض وحمر ، فتلك الجدد { وغرابيب سود } قال : جبال سود { ومن الناس والدواب والأنعام . . . } . قال : كذلك اختلاف الناس والدواب والأنعام ، كاختلاف الجبال . ثم قال { إنما يخشى الله من عباده العلماء } فلا فضل لما قبلها .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { ومن الجبال جدد بيض } قال : طرائق مختلفة ، كذلك اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب والأنعام ، كذلك كما اختلفت هذه الأنعام تختلف الناس في خشية الله كذلك .